322

روضة الطالبين وعمدة المفتين

محقق

زهير الشاويش

الناشر

المكتب الإسلامي

الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤١٢ هجري

مكان النشر

بيروت

وَمُقْتَضَى مَذْهَبِنَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، لَمْ يُكْرَهْ. وَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ فِي وَقْتِ كَرَاهَتِهَا، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ فِيمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لَا لِغَرَضٍ سِوَى صَلَاةِ التَّحِيَّةِ. وَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ الصَّلَاةُ. هَذَا إِذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْقِرَاءَةِ الْمَذْكُورَةِ غَرَضٌ سِوَى السُّجُودِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ، فَلَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا قَطْعًا، وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَسْجُدْ، وَسَلَّمَ، يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْجُدَ مَا لَمْ يَطُلِ الْفَصْلُ. فَإِنْ طَالَ، فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ. وَلَوْ سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ قَبْلَ بُلُوغِ السَّجْدَةِ وَلَوْ بِحَرْفٍ، لَمْ يَصِحَّ سُجُودُهُ. وَلَوْ قَرَأَ بَعْدَ السَّجْدَةِ آيَاتٍ، ثُمَّ سَجَدَ جَازَ مَا لَمْ يَطُلِ الْفَصْلُ. وَلَوْ قَرَأَ سَجْدَةً، فَسَجَدَ، فَقَرَأَ فِي سُجُودِهِ سَجْدَةً أُخْرَى، لَا يَسْجُدُ ثَانِيًا عَلَى الصَّحِيحِ الْمَعْرُوفِ. وَفِيهِ وَجْهٌ شَاذٌّ: حَكَاهُ فِي (الْبَحْرِ) أَنَّهُ يَسْجُدُ. قَالَ صَاحِبُ (الْبَحْرِ): إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ السَّجْدَةَ فِي صَلَاةٍ سِرِّيَّةٍ، اسْتُحِبَّ تَأْخِيرُ السُّجُودِ إِلَى فَرَاغِهِ مِنَ الصَّلَاةِ. قَالَ: وَقَدِ اسْتَحَبَّ أَصْحَابُنَا لِلْخَطِيبِ إِذَا قَرَأَ سَجْدَةً، أَنْ يَتْرُكَ السُّجُودَ لِمَا فِيهِ مِنْ كُلْفَةِ النُّزُولِ عَنِ الْمِنْبَرِ وَالصُّعُودِ. قَالَ: وَلَوْ قَرَأَ السَّجْدَةَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، لَمْ يَسْجُدْ فِيهَا. وَهَلْ يَسْجُدُ بَعْدَ الْفَرَاغِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا يَسْجُدُ. وَأَصْلُهُمَا أَنَّ الْقِرَاءَةَ الَّتِي لَا تُشْرَعُ، هَلْ يَسْجُدُ لِتِلَاوَتِهَا؟ وَجْهَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
السَّجْدَةُ الثَّالِثَةُ: سَجْدَةُ الشُّكْرِ: سُجُودُ الشُّكْرِ سُنَّةٌ عِنْدَ مُفَاجَأَةِ نِعْمَةٍ، أَوِ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ، مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، وَكَذَا إِذَا رَأَى مُبْتَلًى بِبَلِيَّةٍ، أَوْ بِمَعْصِيَةٍ. وَلَا يُسَنُّ عِنْدَ اسْتِمْرَارِ النِّعَمِ. وَإِذَا سَجَدَ لِنِعْمَةٍ، أَوِ انْدِفَاعِ بَلِيَّةٍ لَا تَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ، اسْتُحِبَّ إِظْهَارُ السُّجُودِ. وَإِنْ سَجَدَ لِبَلِيَّةٍ فِي غَيْرِهِ، وَصَاحِبُ الْبَلِيَّةِ غَيْرُ مَعْذُورٍ، كَالْفَاسِقِ، أَظْهَرَ السُّجُودَ بَيْنَ يَدَيْهِ لَعَلَّهُ يَتُوبُ. وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا، كَصَاحِبِ الزَّمَانَةِ، أَخْفَاهُ لِئَلَّا

1 / 324