315

روضة الطالبين وعمدة المفتين

محقق

زهير الشاويش

الناشر

المكتب الإسلامي

الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤١٢ هجري

مكان النشر

بيروت

تَذَكَّرَ بَعْدَ السَّلَامِ أَوْ شَكَّ فِيهِ. وَالْأَصَحُّ: الرُّجُوعُ إِلَى الْعُرْفِ. وَحَاوَلَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ ضَبْطَ الْعُرْفِ، فَقَالَ: إِذَا مَضَى زَمَنٌ يَغْلُبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ أَضْرَبَ عَنِ السُّجُودِ قَصْدًا، أَوْ نِسْيَانًا، فَهَذَا طَوِيلٌ، وَإِلَّا فَقَصِيرٌ. قَالَ: وَهَذَا إِذَا لَمْ يُفَارِقِ الْمَجْلِسَ، فَإِنْ فَارَقَ ثُمَّ تَذَكَّرَ عَلَى قُرْبِ الزَّمَانِ فَفِيهِ احْتِمَالٌ عِنْدِي لِأَنَّ الزَّمَانَ قَرِيبٌ لَكِنَّ مُفَارَقَتَهُ الْمَجْلِسَ تُغَلِّبُ عَلَى الظَّنِّ الْإِضْرَابَ عَنِ السُّجُودِ قَالَ: وَلَوْ سَلَّمَ وَأَحْدَثَ ثُمَّ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ عَلَى قُرْبِ الزَّمَانِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَدَثَ فَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَطُلِ الزَّمَانُ، وَقَدْ نُقِلَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ ﵀: أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْفَصْلِ بِالْمَجْلِسِ. فَإِنْ لَمْ يُفَارِقْهُ، سَجَدَ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ. وَإِنْ فَارَقَهُ، لَمْ يَسْجُدْ وَإِنْ قَرُبَ الزَّمَانُ. لَكِنَّ هَذَا الْقَوْلَ شَاذٌّ. وَالَّذِي اعْتَمَدَهُ الْأَصْحَابُ، الْعُرْفُ. قَالُوا: وَلَا تَضُرُّ مُفَارَقَةُ الْمَجْلِسِ، وَاسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ.
هَذَا كُلُّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِنَا: سُجُودُ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ. أَمَّا إِذَا قُلْنَا: بَعْدَهُ. فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدَ عَلَى قُرْبٍ، فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ، عَادَ الْخِلَافُ. وَإِذَا سَجَدَ، فَلَا يُحْكَمُ بِالْعَوْدِ إِلَى الصَّلَاةِ بِلَا خِلَافٍ. هَلْ يَتَحَرَّمُ لِلسَّجْدَتَيْنِ، وَيَتَشَهَّدُ، وَيُسَلِّمُ؟ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: حُكْمُهُ حُكْمُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ. ثُمَّ إِذَا رَأَيْنَا التَّشَهُّدَ، فَوَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ: أَنَّهُ يَتَشَهَّدُ بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ. وَالثَّانِي: يَتَشَهَّدُ قَبْلَهُمَا، لِيَلِيَهُمَا السَّلَامُ.
قُلْتُ: هَذِهِ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ مِنَ الْبَابِ. مِنْهَا أَنَّ السَّهْوَ فِي الصَّلَاةِ النَّفْلُ، كَالْفَرْضِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: طَرِيقَانِ. الْجَدِيدُ كَذَلِكَ، وَفِي الْقَدِيمِ قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: كَذَلِكَ. وَالثَّانِي: لَا يَسْجُدُ، حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَصَاحِبَا (الشَّامِلِ) وَ(الْمُهَذَّبِ) . وَلَوْ سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ وَأَحْرَمَ بِأُخْرَى، ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا مِنَ الْأُولَى، لَمْ تَنْعَقِدِ الثَّانِيَةُ. وَأَمَّا الْأُولَى، فَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ بُنِيَ عَلَيْهَا. وَإِنْ طَالَ، وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا. وَلَوْ جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ، وَشَكَّ: هَلْ هُوَ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ،

1 / 317