21

روضة الطالبين وعمدة المفتين

محقق

زهير الشاويش

الناشر

المكتب الإسلامي

الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤١٢ هجري

مكان النشر

بيروت

فَرْعٌ
إِذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ الرَّاكِدِ نَجَاسَةٌ جَامِدَةٌ، فَقَوْلَانِ: أَظْهَرَهُمَا وَهُوَ الْقَدِيمُ، أَنَّهُ يَجُوزُ الِاغْتِرَافُ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ، وَلَا يَجِبُ التَّبَاعُدُ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ كُلُّهُ. وَالثَّانِي: الْجَدِيدُ: يَجِبُ أَنْ يَبْعُدَ عَنِ النَّجَاسَةِ بِقَدْرِ قُلَّتَيْنِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَكْفِي فِي الْبَحْرِ التَّبَاعُدُ بِشِبْرٍ نَظَرًا إِلَى الْعُمْقِ، بَلْ يَتَبَاعَدُ قَدْرًا لَوْ حُسِبَ مِثْلُهُ فِي الْعُمْقِ وَسَائِرِ الْجَوَانِبِ لَبَلَغَ قُلَّتَيْنِ. فَلَوْ كَانَ الْمَاءُ مُنْبَسِطًا بِلَا عُمْقٍ، تَبَاعَدَ طُولًا وَعَرْضًا قَدْرًا يَبْلُغُ قُلَّتَيْنِ فِي ذَلِكَ الْعُمْقِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجِبُ أَنْ يَبْعُدَ إِلَى مَوْضِعٍ يَعْلَمُ أَنَّ النَّجَاسَةَ لَمْ تَنْتَشِرْ إِلَيْهِ. أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ فَقَطْ، فَعَلَى الْجَدِيدِ: لَا يَجُوزُ الِاغْتِرَافُ مِنْهُ. وَعَلَى الْقَدِيمِ: يَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ. ثُمَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ عَنْ غَيْرِ تَبَاعُدٍ، مَعَ الْقَطْعِ بِطَهَارَةِ الْجَمِيعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الِاسْتِعْمَالِ مَبْنِيًّا عَلَى خِلَافٍ فِي نَجَاسَتِهِ، وَقَدْ نُقِلَ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ، نُقِلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ.

1 / 23