روضة المحبين ونزهة المشتاقين
محقق
محمد عزير شمس
الناشر
دار عطاءات العلم ودار ابن حزم
رقم الإصدار
الرابعة
سنة النشر
١٤٤٠ هجري
مكان النشر
الرياض وبيروت
تصانيف
التصوف
بِقَادِرٍ﴾ [الأحقاف/٣٣]، فعدَّى فعل الرؤية بالباء، وفي الحديث: «المُؤْمِنُ أخُو المُؤْمِنِ يَسَعُهُما المَاءُ والشَّجَرُ، ويَتَعاوَنَانِ على الْفتَّانِ» (^١). يُروى بفتح الفاء وهو واحدٌ، وبضَمها وهو جمع فاتنٍ، كتاجرٍ وتُجَّار.
والمقصود: أنَّ الحُبَّ موضعُ الفتون، فما فُتِن مَنْ فُتِنَ إلا بالمحبَّة.
فصل
وأمَّا الجنون: فمن الحُبِّ ما يكونُ جنونًا، ومنه قوله (^٢):
قالتْ جُنِنْتَ بمن تهوَى فقلتُ لها ... العشقُ أعظمُ ممَّا بالمجانين
العشقُ لا يَستفيقُ الدهرَ صَاحبُه ... وإنما يُصْرَعُ المجنونُ في الحين
وأصل المادة من السَّتر في جميع تصاريفها، ومنه: أجنَّه اللَّيلُ، وجَنَّ عليه: إذا سترَه، ومنه الجَنِينَ؛ لاستتاره في بطن أُمِّه، ومنه الجَنَّة؛ لاستتارها بالأشجار، ومنه المِجَنُّ؛ لاستتار الضارب به والمضروب، ومنه الجِنُّ؛ لاستتارهم عن العيون، بخلاف الإنس، فإنَّهم يُؤْنَسُون؛ أي: يُرَون، ومنه الجُنَّة بالضم، وهي ما استترتَ به واتّقيتَ، ومنه قوله تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾ [المجادلة/١٦] وأجننتُ الميّتَ: [١٧ ب] واريتُه في
_________
(^١) أخرجه أبو داود (٣٠٧٠)، والترمذي (٢٨١٤) من حديث قيلة بنت مخرمة. وفي إسناده عبد الله بن حسان العنبري، قال الحافظ في «التقريب»: مقبول.
(^٢) البيتان لمجنون ليلى في «ديوانه» (ص ٢٨١)، و«الأغاني» (٢/ ٣٦)، و«مصارع العشاق» (١/ ١٢٦، ٢/ ١٨١)، و«المستطرف» (٣/ ٣٢)، و«تزيين الأسواق» (١/ ١٦٤).
1 / 70