روضة المحبين ونزهة المشتاقين
محقق
محمد عزير شمس
الناشر
دار عطاءات العلم ودار ابن حزم
رقم الإصدار
الرابعة
سنة النشر
١٤٤٠ هجري
مكان النشر
الرياض وبيروت
تصانيف
التصوف
وفي الحديث الصحيح (^١): «لا يُصِيبُ المؤْمِنَ مِنْ هَمٍّ وَلا وَصَبٍ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إلا كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ».
ووصَب الشيءُ يَصِبُ وُصُوبًا: إذا دامَ، تقول: وَصَب الرجلُ على الأمر: إذا داومَ عليه. قال الله تعالى: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ﴾ [الصافات/٩]. وقال تعالى: ﴿وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا﴾ [النحل/٥٢] أي: الطاعة دائمةً.
فصل
وأمَّا الحُزْن: فقد عُدَّ (^٢) من أسماء المحبَّة، والصَّواب أنَّه ليس من أسمائها، وإنَّما هو حالة تحدُثُ للمحبِّ، وهي ورود المكروه عليه، وهو خلاف المسرَّة. ولما كان الحُبُّ لا يخلو من ورود ما لا يَسُرُّ على قلب المحبِّ كان الحزن من لوازمه. وفي الحديث الصحيح (^٣): أنَّ النبي ﷺ -كان يقول: «اللهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَن، وَالعَجْزِ والْكَسَل، وَالجُبْنِ وَالبُخْل، وضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجال».
فاستعاذَ ﷺ -من ثمانية أشياء، كل شيئين منها قرينان. فالهمُّ والحزن قرينان، فإن ورود المكروه على القلب إن كان لما مضى فهو الحزن، وإن كان لما يُستقبل فهو الهمُّ. والعجز والكسل قرينان، فإنَّ تخلُّفَ
_________
(^١) أخرجه البخاري (٥٦٤١)، ومسلم (٢٥٧٣) من حديث أبي سعيد وأبي هريرة.
(^٢) «عدّ» ساقطة من ش.
(^٣) أخرجه البخاري (٦٣٦٩)، ومسلم (٢٧٠٦) من حديث أنس بن مالك.
1 / 61