روضة المحبين ونزهة المشتاقين

ابن القيم الجوزية ت. 751 هجري
44

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

محقق

محمد عزير شمس

الناشر

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤٤٠ هجري

مكان النشر

الرياض وبيروت

تصانيف

التصوف
طويل. قيل: فإن لم يكنْ؟ قال: موتٌ عاجل. وفي ذلك قيل (^١): ما وهبَ الله لامرئٍ هِبَةً ... أحسنَ مِن عَقْلهِ ومِن أَدَبِهْ هما جمالُ الفتى فإنْ فُقِدا ... فَفَقْدُه للحَياةِ أجملُ بِهْ فصل وإذا كانت الدولة للعقل سالَمَهُ الهوى، وكان من خَدَمهِ وأتباعهِ، كما أنَّ الدولةَ إذا كانت للهوى صارَ العقلُ أسيرًا في يديْه، محكومًا عليه. ولمَّا كان العبدُ لا ينفكُّ عن الهوى ما دامَ حيًّا ــ فإنَّ هواه لازمٌ له ــ كان الأمرُ بخروجه عن الهوى بالكليَّة كالممتنع. ولكنَّ المقدور له والمأمور به أن يَصرِفَ هواه عن مَراتعِ الهلَكَةِ [٥ أ] إلى مواطن الأمن والسَّلامة. مثاله: أنَّ الله ﷾ لم يأْمرْه بصرف قلبه عن هوى النساء جملةً، بل أمره بصرف ذلك الهوى إلى نكاح ما طابَ له منهنَّ من واحدةٍ إلى أربع، ومن الإماء ما شاء، فانصرف مجرى الهوى من محلٍّ إلى محل، وكانت الريحُ دَبورًا، فاستحالت صَبًا. وكذلك هوى الظفر والغلبة والقهر، لم يأْمر (^٢) بالخروج عنه، بل أمرَ بصرفه إلى الظفر

(^١) البيتان بلا نسبة في «العقد الفريد» (٢/ ٤٢٣)، و«معجم الأدباء» (١/ ١٩) و«عين الأدب والسياسة» (ص ١٢٦)، و«غرر الخصائص الواضحة» (ص ٨٣). (^٢) ت: «لم يؤمر».

1 / 17