روضة المحبين ونزهة المشتاقين

ابن القيم الجوزية ت. 751 هجري
147

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

محقق

محمد عزير شمس

الناشر

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤٤٠ هجري

مكان النشر

الرياض وبيروت

تصانيف

التصوف
يُحبه مُكْتَنِفَةُ الجهات ببعض الأعراض الساترة، والْحُجُب المحيطة بها من الطبائع الأرضية، فلم تُحِسَّ بالجزء الذي كان متصلًا بها قبل حلولها حيث هي، ولو تخلَّصت لاستويا (^١) في الاتصال والمحبَّة (^٢). ونفس [٣٠ أ] المحبِّ متخلِّصةٌ عالمةٌ بمكان ما كان يَشْرَكُها في المجاورة، طالبةٌ له، قاصدةٌ إليه، باحثة عنه، مشتهيةٌ لملاقاته، جاذبةٌ له لو أمكنها كالمِغْنَاطِيس والحديد، وكالنَّار في الحجر (^٣). وأجابت طائفةٌ أخرى: أنَّ الأرواح خُلِقتْ على هيئة الكُرة، ثُم قُسِمت، فأيُّ رُوحين تَلاقَتا هناك وتجاورتا؛ تآلفتا في هذا العالم، وتحابَّتا، وإن تنافرتا هناك تنافرتا هنا، وإن تآلفتا من وجهٍ وتنافرتا من وجهٍ؛ كانتا كذلك ها هنا. وهذا الجواب مبنيٌّ على الأصل الفاسد الذي أصَّله هؤلاء: أنَّ الأرواح موجودةٌ قبل الأجساد، وأنَّها كانت متعارفةً متجاورة هناك، تتلاقى وتتعارف، وهذا خطأ، بل الصَّحيح الذي دلَّ عليه الشرعُ والعقلُ: أنَّ الأرواحَ مخلوقةٌ مع الأجساد، وأن الملك المُوَكَّل بنفخ الرُّوح في الجسد ينفُخ فيه الرُّوح إذا مضى على النطفة أربعةُ أشهر، ودخلتْ في الخامس، وذلك أوَّل حدوثِ الرُّوح فيه.

(^١) ش: «لو تخلصت لاستوت». ت: «لو تخلصا لاستويا». والمثبت من «طوق الحمامة». (^٢) «في الاتصال والمحبة» ساقطة من ت، ش. (^٣) هنا انتهى النقل من «طوق الحمامة».

1 / 120