روضة المحبين ونزهة المشتاقين

ابن القيم الجوزية ت. 751 هجري
127

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

محقق

محمد عزير شمس

الناشر

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤٤٠ هجري

مكان النشر

الرياض وبيروت

تصانيف

التصوف
أفعال من يجاهدونه. وهذا بابٌ واسع قد فُتح لك، فادخل منه؛ يُطلعك على رياضٍ من المعرفة مُؤنِقَةٍ، مات مَنْ فاتته بحسرتها، وبالله التوفيق. وهذا موضعٌ تَضيقُ عنه عِدَّة أسفار، واللَّبيبُ يدخلُ إليه من بابه، وسرُّ هذا الباب: أنَّه سبحانه كاملٌ في أسمائه وصفاته، فله الكمالُ المطلقُ من جميع الوجوه؛ الذي لا نقصَ فيه بوجهٍ ما، وهو يحبُّ أسماءه وصفاته، ويحب ظهورَ آثارها في خلقه، فإنَّ ذلك من لوازم كماله، فإنَّه سبحانه وتْرٌ يُحِبُّ الوتْرَ (^١)، جميلٌ يحبُّ الجمالَ (^٢)، عليمٌ يحبُّ العلماءَ، جوادٌ يحبُّ الأجواد، قويٌّ، والمؤمنُ القويُّ أحَبُّ إليه من المؤمن الضعيف (^٣)، حَييٌّ يحبُّ أهل الحياء (^٤)، وفيٌّ يحبُّ أهلَ الوفاء، شكورٌ يحبُّ الشَّاكرينَ، صادقٌ يحبُّ الصادقين، محسنٌ يحبُّ المحسنين. فإذا كان يُحِبُّ العفوَ والمغفرة والحِلْمَ والصَّفْحَ والسَّتْرَ، لم يكن بُدٌّ من تقديره للأسباب التي تَظهرُ آثارُ هذه الصفات فيها، ويَسْتَدِلُّ بها عبادُه على كمال أسمائه وصفاته، ويكون ذلك أدْعى لهم إلى محبَّتِه،

(^١) كما في الحديث الذي أخرجه البخاري (٦٤١٠)، ومسلم (٢٦٧٧) عن أبي هريرة. (^٢) كما في الحديث الذي أخرجه مسلم (٩١) عن ابن مسعود. (^٣) كما في الحديث الذي أخرجه مسلم (٢٦٦٤) عن أبي هريرة. (^٤) كما في الحديث الذي أخرجه أحمد (٢/ ٢٢٤)، وأبو داود (٤٠١٢)، والنسائي (١/ ٢٠٠) عن يعلى بن أمية.

1 / 100