روضة المحبين ونزهة المشتاقين

ابن القيم الجوزية ت. 751 هجري
119

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

محقق

محمد عزير شمس

الناشر

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤٤٠ هجري

مكان النشر

الرياض وبيروت

تصانيف

التصوف
فأمْرُ العالم العُلويِّ والسُّفليِّ والجنَّة والنَّار بتدبير الملائكة بإذن ربهم ﵎ وأمرِه، ﴿لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾ [الأنبياء/٢٧] و﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم/٦]. فأخبرَ أنَّهم لا يعصونه في أمره، وأنَّهم قادرون على تنفيذ أوامره، ليس بهم عجزٌ عنها، بخلاف من يترك ما أُمر به عجزًا، فلا يَعصي الله ما أمره، وإن لم يفعلْ ما أمره (^١) به. وكذلك البحارُ قد وُكِّلت بها ملائكةٌ تسجرُها، وتمنعُها أن تفيضَ عَلَى الأرض، فتغرق أهلها. وكذلك أعمالُ بني آدم خيرُها وشرُّها قد وُكِّلت بها ملائكةٌ تُحصيها، وتحفظُها، وتكتُبها. ولهذا كان الإيمانُ بالملائكة أحدَ أركان الإيمان الذي لا يَتمّ إلا به، وهي خمس: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر. وإذا عُرِفَ ذلك عُرف (^٢) أنَّ كلَّ حركةٍ في العالم فسببُها الملائكة، وحركتُهم طاعةُ الله (^٣) بأمره وإرادته، فيرجعُ (^٤) الأمر كلُّه إلى تنفيذ مراد

(^١) ت: «أمر». (^٢) «ذلك عرف» ساقطة من ش. (^٣) ت: «وحركاتهم طاعة لله». (^٤) ت: «فرجع».

1 / 92