روضة المحبين ونزهة المشتاقين

ابن القيم الجوزية ت. 751 هجري
117

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

محقق

محمد عزير شمس

الناشر

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤٤٠ هجري

مكان النشر

الرياض وبيروت

تصانيف

التصوف
وقد وكَّل الله سبحانه بالأفلاك والشمس والقمر ملائكةً تُحرّكها، ووكَّلَ بالرياح ملائكةً تُصرِّفها بأمره، وهم خَزَنتُها، قال تعالى: [٢٢ أ] ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾ [الحاقة/٦]. قال غيرُ واحد من السلف: عَتَتْ على الخُزَّان فلم يقدروا على ضبطها. ذكره البخاري في صحيحه (^١). ووكَّلَ بالقطر ملائكةً، وبالسَّحاب ملائكةً (^٢) تسوقه إلى حيث أُمرت به. وقد ثبت في الصحيح (^٣) عن النبي ﷺ أنَّه قال: «بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنَ الأرْضِ؛ إذْ سَمِعَ صوتًا في سَحَابةٍ يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ، فَتَتَبَّعَ السَّحابةَ حتَّى انْتَهَتْ إلى حَدِيقةٍ، فَأَفْرَغَتْ مَاءَهَا فِيهَا، فَنَظَرَ فإذا رَجُل في الحَدِيقَةِ يُحَوِّلُ الماءَ بِمِسْحَاته، فقال لَهُ: ما اسْمُك ياعَبْدَ الله؟ فَقَال: فلانٌ - للاسم الَّذي سمِعه في السَّحَابةِ - فقالَ: إنّي سمعْتُ قائِلًا يقُولُ في هذه السَّحَابةِ: اسْقِ حَدِيقةَ فُلانٍ، فما تصنع في هذه الحَدِيقةِ؟ فقال: إنِّي أنْظُرُ ما يَخْرُجُ منها، فأجعَلُهُ ثلاثة أثْلَاثٍ: ثُلُثٌ أَتَصَدَّقُ به، وثُلُثٌ أُنْفِقُهُ على عِيالي، وثُلُثٌ أرُدُّهُ فِيهَا».

(^١) تعليقًا في (٦/ ٣٧٦) (مع الفتح). (^٢) «وبالسحاب ملائكة» ساقطة من ش. (^٣) مسلم (٢٩٨٤) من حديث أبي هريرة.

1 / 90