فيه استاذه النضج الفكري الكافي، وحتى لمح في نظراته وآرائه ملامح الاستقلال بالرأي والاجتهاد. وقد استجاز استاذه الكبير في رواية الحديث، وكتب المتقدمين فأجازه أكثر من مرة: أجازه مرة بداره بالحلة سنة 751، وفي هذا التاريخ كان عمر الشهيد 17 سنة فقط. وأجازه مرة أخرى بداره بالحلة سنة 758.
وأجازه مرة ثالثة بالمكان المتقدم وكان التلميذ الشاب يقدر بدوره أستاذه الكبير ويجله كلما أتته مناسبة للتقدير والتجليل، ينوه بشأنه وجلالة مكانته وحقه عليه.
فقال في إجازته للشيخ شمس الدين (ابن نجدة) الذى تلمذ عليه في كثير من المعلوم: وأما مصنفات الامام ابن المطهر رضي الله عنه فاني أرويها عن غيره من أصحابنا: منهم الشيخ الامام سلطان العلماء، ومنتهى الفضلاء والنبلاء، خاتمة المجتهدين، فخر الملة والدين أبوطالب محمد بن الشيخ الامام السعيد جمال الدين بن المطهر، مد الله في عمره، وجعل بينه وبين الحادثات سدا(1).
وهنا يلمس القارئ روعة الوفاء بين الاستاذ والتلميذ، وتقدير الاستاذ لتلميذه الشاب، وحفاوته به، وهو لم يتجاوز بعد سني المراهقة ووفاء التلميذ لاستاذه وتجليله له، واحترامه اياه، وقد انتقل من دور التلمذة إلى دور المرجعية والتأليف والتدريس.
صفحة ٩٤