تفضلها عن المدارس السابقة عليها، واللاحقة لها:
1 - وأولى هذه الملامح: أن (الفقه) خرج في هذا الدور عن الاقتصار على استعراض نصوص الكتاب، وما صح من السنة إلى معالجة النصوص، واستخدام الاصول والقواعد، فقد كانت مهمة البحث الفقهي في الادوار السابقة عرض النصوص، وفهمها وتذوقها. ولامر ما يطلق على هذا العلم اسم (الفقه)، فالفقه هو الفهم ومهمة الفقيه قبل هذه المرحلة ما كانت تتجاوز في الاعم الاغلب فهم النصوص الصحيحة وتذوقها.
وفي هذه المرحلة انقلبت عملية (الاستنباط) إلى صناعة عملية لها اصولها وقواعدها، وانفصل البحث (الاصولي) عن البحث الفقهي وأفرد بدراسات ومطالعات خاصة، وقام البحث الفقهي على نتائج هذه الدراسات والمطالعات، ولاول مرة في (تاريخ الفقه الجعفري) يلمح الباحث ملامح الصناعة في كتابات (الشيخ الطوسي) الفقهية، وطبيعي أن الصناعة الفقهية في هذه الفترة كانت تطوي مراحلها البدائية، ولكنه مع ذلك كانت بداية لعهد جديد، وخاتمة لعهد مضى. ولاول مرة في هذا الدور قام (السيد المرتضى) بمحاولة دراسة المسائل الاصولية مفصولة عن الفقه بصورة موضوعية، وتنقيح المسائل الاصولية في كتب ودراسات مستقلة، إلا أنها كانت مع ذلك بدائية ولم تتجاوز في غالب الاحوال مباحث الالفاظ: من الاوامر والنواهي ودلالات هيئات الالفاظ وموادها.
2 - وظاهرة أخرى من ملامح هذا العصر هو تفريع المسائل الفقهية واستحداث فروع جديدة لم تتعرض لها نصوص الروايات، وكان البحث
صفحة ٦٥