الغاصبين المهرجين.
وهذا هو ما يعنى (بالتقية) في (الفقه الإسلامي).
وظاهرة أخرى في هذا الدور من ملامح المدرسة: تعيين موازين ومقاييس خاصة للاجتهاد والاستنباط من قبل (أئمة أهل البيت) عليهم السلام.
كان الرواة ينتقلون إلى مناطق بعيدة، وتمس بهم حاجة إلى معرفة حكم من الأحكام الشرعية، ولا يجدون وسيلة للسؤال عن الإمام عليهم السلام ولا يجدون نصا في المورد، فوضع لهم (أئمة أهل البيت) عليهم السلام قواعد خاصة للاستنباط والاجتهاد يستعرضها بتفصيل: كالاستصحاب والبراءة، والاحتياط، والتخيير، وغيرها من القواعد الفقهية، كقاعدة الطهارة، واليد، والإباحة، والحلية، وما شاكل ذلك مما يعين الفقيه على الاجتهاد والاستنباط.
وقد أسهب الفقهاء والأصوليون في شرح هذه القواعد والأصول بصورة وافية في كتب الفقه والأصول.
ورغم ما تقدم فلم يكن هناك اجتهاد بالمعنى الذي نتعارف عليه اليوم وإنما كان الناس يطلبون إلى الإمام أن يعين لهم مرجعا فيما يعرضهم من المسائل الشرعية، فيعين لهم بعض أصحابه ممن يطمئن إليهم، وممن سمع إلى حديثه ووعاه، ولم تمس الحاجة إلى الاجتهاد لمعاصرة الإمام وإمكان الاتصال به ولو على رأس كل سنة في موسم الحج.
فلم يتجاوز أصحاب الأئمة عدا موارد قليلة ونادرة: من نقل الحديث، والمجاميع الحديثية في غالب الأحوال لم تكن تجمع أبواب الفقه عامة، أو تجمع كلما صح عن الإمام في هذا الباب، أو في هذه المسألة.
صفحة ٤٢