وقد أثر وفود العناصر المختلفة إلى الكوفة طلبا للعلم، أو التجارة في التلاقح العقلي والذهني في هذه المدرسة، كما كان لها الأثر البالغ في تطوير الدراسات العقلية فيها.
وقد هاجر إليها فوق ذلك وفود: من الصحابة والتابعين، والفقهاء وأعيان المسلمين: من مختلف الأمصار وبذلك كانت (الكوفة) حين انتقل إليها (الإمام الصادق) عليه السلام وانتقلت إليها (مدرسة الفقه الشيعي) من أكبر العواصم الإسلامية.
وقد عد البراقي في تاريخ الكوفة 148 صحابيا من الذين هاجروا إلى الكوفة واستقروا فيها، ما عدا التابعين والفقهاء الذين انتقلوا إلى هذه المدينة، والذين كان يبلغ عددهم الآلاف، وما عدا الأسر العلمية التي كانت تسكن هذا القطر.
وقد أورد ابن سعد في الطبقات ترجمة ل (850) تابعيا ممن سكن الكوفة (1).
في مثل هذا الوقت انتقل (الإمام الصادق) عليه السلام إلى الكوفة أيام (أبي العباس السفاح) واستمر بقاء (الإمام الصادق) عليه السلام في الكوفة مدة سنتين.
وقد اشتغل (الإمام الصادق) عليه السلام هذه الفترة بالخصوص في نشر (المذهب الشيعي)، لعدم وجود معارضة سياسية قوية في البين فقد سقطت في هذه الفترة (الحكومة الأموية) وظهرت (الحكومة العباسية) وبين هذا السقوط، وهذا الظهور اغتنم (الإمام الصادق) عليه السلام الفرصة للدعوة إلى المذهب، ونشر أصول هذه المدرسة، فازدلفت إليه الشيعة من كل فج زرافات ووحدانا تتقي منه العلم، وترتوي من منهله العذب .
صفحة ٣٢