[نبذة حول سيرة المؤلف وما يعنى به]
ترجمة المؤلف
شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل بن أبي طالب: الملقب (سديد الدين) أبو الفضل القمي، نزيل مهبط وحي الله ودار هجرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
الثناء عليه
أثنى عليه كل من طرق اسمه عند ترجمته أو في وريقات الإجازات ووصفوه بالفقيه:
الأفندي في رياض العلماء، والحر العاملي في أمل الآمل قالا:
الشيخ الجليل الثقة أبو الفضل كان عالما، فاضلا، فقيها، عظيم الشأن، جليل القدر (1).
وفي روضات الجنات للخونساري قال: هو الفاضل الكامل، المتقدم، المحدث البارع، الثقة الجليل (2).
والعلامة النوري في خاتمة المستدرك: وقال: هو الشيخ الجليل أبو الفضل ...
العالم الفقيه الجليل، المعروف صاحب المؤلفات البديعة (3).
والكاظمي في المقاييس على ما حكاه النوري في خاتمته: الشيخ الثقة، العالم الفقيه، العظيم الشأن أبو الفضل (4).
وقال الشهيد في الذكرى: هو من أجلاء فقهائنا، ووصفه في إجازته لابن الخازن، بالشيخ العالم ...
وكما وصفه العلامة الحلي في إجازته الكبيرة لبني زهرة بالفقيه.
وقال عنه صاحب كتاب المعالم الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني في إجازته
صفحة ١١
الكبيرة: الشيخ الإمام العالم ... للأسف إن التاريخ لم يسجل لنا سنة مولده ولا وفاته، وكان هذا العامل الكبير الذي تسبب لبعض الإشكالات، بالنسبة لانتساب هذا السفر وكذا كتابه الفضائل للمؤلف أم لا.
أقول: لقد أشار بعض من ترجم له أو ذكره في إجازته الى طبقته والمعاصرين له:
فقد قال صاحب المعالم في إجازته الكبيرة إن كل من كان في طبقة شاذان كابن إدريس، ومنتجب الدين، وعربي بن مسافر ...
وقال الآغا بزرگ الطهراني في ترجمته لمحمد بن عبد الله البحراني الشيباني أنه معاصر للشيخ عربي بن مسافر، ورشيد الدين محمد بن علي بن شهر آشوب، وشاذان بن جبرئيل، والشريف محمد بن محمد بن الجعفرية، وأحمد بن شهريار، وراشد بن إبراهيم البحراني، وعبد الله بن جعفر الدوريستي، وغيرهم، إذا أن الشيخ تاج الدين، حسن بن علي الدربي عن جمع هؤلاء كما ذكره العلامة الحلي في إجازته الكبيرة لبني زهرة ...
وفي الحديث الأول من كتابنا هذا (الروضة) هكذا:
(قال جامع هذا الكتاب حضرت الجامع بواسط يوم الجمعة سابع ذي القعدة سنة (651 ه) وتاج الدين نقيب الهاشميين يخطب بالناس ...).
وذكر أيضا في الكتاب المذكور في الحديث الثاني والأربعين هكذا:
(ومما ورد في كتاب الفردوسي والراوي نقيب الهاشميين تاج الدين سنة (652 ه) بواسط) ولكن هذا لا يكفينا في رفع الإشكال المتقدم، وأشار الشيخ صاحب المعالم في إجازته الكبيرة إلى أن الشيخ عربي بن مسافر الحلي عاصر الشيخ منتجب الدين على ما يظهر من كلامه في الفهرست، وهو أعلى طبقة من إبن إدريس لأنه يروي عنه.
إذا فشاذان: إما في طبقته أو دونهما، بل الثاني أقرب وأرجح.
لذا أن عربي بن مسافر هو من أعلام المائة السادسة، وأن كل من روى عنه مثل فخار بن معد الموسوي، ومحمد بن أبي البركات، والشيخ علي بن ثابت السوراوي،
صفحة ١٢
والشيخ علي بن يحيى الحناط من أعلام المائة السابعة من غير العلمين ابن إدريس وابن المشهدي وهما من أعلام المائة السادسة (1).
ذكره الآغا بزرك الطهراني في أعلام القرن السادس، وأما منتجب الدين لم يذكر شاذان بن جبرئيل في كتابه الفهرست.
وصاحب الروضات قال: إن طبقة شاذان في طبقة صاحب كتاب السرائر يعني إبن إدريس المولود حدود سنة 543 والمتوفي سنة 598- بل ما دونها (2) إن الذين رووا عن شاذان هم من أعلام القرن السابع والمستثنى منهم ابن المشهدي.
نستطيع أن نقول: عاش شاذان في الفترة التي بين النصف الثاني من القرن السادس والنصف الأول من القرن السابع وإن يكن ذلك له عمرا طويلا ...
شيوخه:
1- الشيخ الفقيه أبو محمد ريحان بن عبد الله الحبشي، المتوفى في حدود سنة 560 (3).
2- الحسن بن أحمد بن الحسن العطار الهمداني المتوفى سنة 569، عاش احدى وثمانين سنة (4).
3- والده جبرئيل بن إسماعيل بن أبي طالب القمي، الذي كان حيا في سنة 572 (5).
4- السيد فخر الدين محمد بن سرايا الجرجاني، ذكره شاذان في إجازته للسيد
صفحة ١٣
محي الدين محمد ابن زهرة سنة 584 قائلا: السيد العالم فخر الدين ... (1).
5- السيد حمزة ابن زهرة الحلبي صاحب كتاب (الغنية) المتوفى سنة 585 ه (2).
6- محمد بن علي بن شهر آشوب صاحب كتاب (المناقب) المتوفى 588 (3).
7- الشيخ الفقيه عبد الله بن محمد بن عمر العمري الطرابلسي (4).
8- الشيخ أبو محمد بن صالحان القمي، الخطيب بالجامع العتيق (5).
9- أبو جعفر محمد بن موسى الدوريستي (6).
10- الشيخ عماد الدين أبو القاسم الطبري صاحب كتاب (بشارة المصطفى) (7).
11- السيد احمد بن محمد الموسوي (8).
12- الشيخ محمد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس الرازي (9).
13- محمد بن عبد العزيز بن ابي طالب القمي (10).
14- عبد القاهر بن حمويه، الشيخ أبو غالب القمي (11).
15- القاضي جمال الدين، أبو الفتح علي بن عبد الجبار الطوسي (12).
صفحة ١٤
16- الشيخ أبو محمد عبد الله بن عبد الواحد (1).
تلاميذه والرواة عنه:
1- السيد محيي الدين محمد بن عبد الله بن علي ابن زهرة الحلبي (2).
أجازه شاذان بن جبرئيل رواية مصنفاته بعد ما قرأ عليه كتابه (إزاحة العلة) بدمشق سنة 583، وكتاب (تحفة المؤلف الناظم) سنة 584، على ما ذكره صاحب المعالم (ره) في إجازته الكبيرة، وكتب أيضا إجازة له ولوالده، نقلها معادن الجواهر في الجزء الثاني عن خط المجيز.
2- السيد عبد الله بن علي ابن زهرة الحلبي (3): ذكر آنفا كتب شاذان له إجازة.
3- السيد فخار بن معد بن فخار الموسوي (4): المتوفى 630، قرأ على شاذان بواسط سنة 593 كما في كتابه (حجة الذاهب إلى تكفير أبي طالب).
4- الشيخ محمد بن جعفر المشهدي (5) قرأ عليه كتاب (المفيد في التكليف) للبصروي في شهر رمضان سنة 573، ويروي عن شاذان كتاب (إزاحة العلة) وغيره.
5- الشيخ علي بن يحيى الخياط (الحناط) (6).
ذكر الشيخ نجم الدين ابن نما أن والده أجاز له أن يروي عنه أمالي الشيخ أبي جعفر محمد ابن بابويه، عن الشيخ علي بن يحيى الحناط، عن الشيخ شاذان بن
صفحة ١٥
جبرئيل، عن الشيخ الحسن بن صالحان ... ذكر هذا صاحب المعالم في إجازته الكبيرة.
6- تاج الدين حسن بن علي الدربي:
وهو الراوي لكتاب أخبار السيد أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن شاذان، عن عماد الدين الطبري ... على ما ذكره العلامة في إجازته لبني زهرة (1).
وهو الذي يأتي في الحديث الأول والثاني والأربعين روايا في هذا الكتاب.
مؤلفاته
1- إزاحة العلة في معرفة القبلة.
2- تحفة المؤلف الناظم وعمدة المكلف الصائم.
3- كتاب الفضائل.
4- الروضة في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي بين يديك عزيزي القاري
نسبة الكتاب للمؤلف:
تعرفنا أن للمؤلف كتاب «الفضائل» ويتضمن في طياته فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) ومعظم هذه الأحاديث متردده مع كتابنا «الروضة» وهل هذين الكتابين لشاذان بن جبرئيل أم لا؟
وفيه أقوال منها.
إن كثير من علمائنا يجمع على أن كتاب (الفضائل) هو من مصنفات شاذان، وفريقا أكد أن الكتابين المشار إليهما متحدان وكليهما لشاذان، والبعض الآخر ينفي ذلك، إلا أنه ضعيف كما يتضح لاحقا وبعد تسليط الأضواء على هذه الأقوال.
صفحة ١٦
وتبيانا لهذا الموضوع على اساس أن الذي بنيت عليه هذه الأقوال: هو ما جاء به المؤلف في ديباجة كتابه (إزاحة العلة) حيث قال إنه ألفه سنة 558 ...
وفي الروضة والفضائل للمصنف معا: قال جامع هذا الكتاب: حضرت الجامع بواسط يوم الجمعة سابع شهر ذي القعدة سنة (651) وتاج الدين نقيب الهاشمين يخطب ...
ونذكر بعض أقوال أصحاب التراجم:
1- قال الخونساري: عند ترجمته لشاذان أن الفضائل والروضة- متحدان، ومن رجل واحد، غير أن المغايرة بينهما في الزيادة والنقصان، إنما هي من جهة التفاوت الحاصل غالبا من النسخ الخارجة من المسودات ومع قلة النظم ... والنسبة بينهما عموما مطلقا (1).
2- وقال الأفندي: عند ترجمته له ... وله أيضا كتاب الفضائل، حسن (2).
3- قال الحر العاملي في أمل الأمل: في ترجمة شاذان ... وله ايضا كتاب الفضائل، حسن، عندنا منه نسخة، وقال: كتاب (الروضة) وينسب إلى الصدوق ولم يثبت (3).
4- وقال المجلسي (قدس سره): في موسوعة البحار، عند ذكره لمصادر الكتاب. وكتاب الروضة في المعجزات والفضائل لبعض علمائنا، وأخطأ من نسبه إلى الصدوق، لأنه يظهر منه أن ألفه نيف وخمسين وستمائة (4).
وقال أيضا: وكتاب (الفضائل) وكتاب (إزاحة العلة) للشيخ الجليل أبي الفضل سديد الدين شاذان بن جبرئيل القمي. وهو من أجلة الثقات الأفاضل، وقد مدحه
صفحة ١٧
أصحاب الإجازات كثيرا (1).
5- وقال العلامة النوري- عند ذكره لشاذان: صاحب المؤلفات البديعة التي منها كتاب الفضائل المعروف الدائر، ومختصره المسمى بالروضة ... (2).
مما يلفت النظر أن الآغا بزرگ ذكر في أول خطبة كتاب (الروضة) كما في (كشف الحجب) الحمد لله الذي هدانا إلى أصح المذاهب وعرفنا نفسه ...
لما وفق الله في كتابة (درر المناقب في فضائل أسرار علي بن أبي طالب) ليكون لي في الأسفار صاحب، في الآخرة ذخيرة لدفع النوائب. وقد جمعت فيه ما نقل عن الثقات واتفق عليه الرواة، جمعت في كتابي هذا الذي سميته (الروضة) مما يشمل على فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام) ...
وذكر أيضا في الذريعة: 8/ 135 رقم 507 نصه:
(درر المناقب في فضائل علي بن أبي طالب) للشيخ الجليل شاذان بن جبرئيل القمي. بعد أن ذكرنا هذا الموجز من آراء وأقوال العلماء بأن كتاب (الفضائل) لشاذان لا محالة لثبوت الأقوال كما مر والبعض الآخر ثبت كتابنا (الروضة) للمصنف أيضا والدليل على ذلك فقد أورد في أوائل الأخبار المتصدر بعبارة (قال جامع الكتاب) وكما في الفضائل بلفظ «حدثني» يظهر أن قائلها هو بالضرورة أحد تلاميذ شاذان وهذا احتمال أن الكتاب هو من إملاء شاذان وليس من تأليفه، وقد جمعه بعض تلاميذه ويقوى هذا الاحتمال إذا أخذنا بنظر الاعتبار الحديث الأول من (الروضة) وص 92 في الفضائل واتحاد تاريخ بعض الأحاديث بين الكتابين.
صفحة ١٨
مقدمة التحقيق ومنهجه
(بسم الله الرحمن الرحيم) الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف خلقه، الذي اصطفاه بالرسالة وعلى آله الكرام البررة والطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين.
إن هذا السفر القيم مع صغر حجمه فقد ضم كثير من فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام).
وليست شخصية أمير المؤمنين (عليه السلام) شخصية عادية يسهل للباحث معرفتها والوصول إلى مبلغها، بل هي شخصية فوق الشموخ، علت في سماء العظمة وعلو المجد، وحيث هو النجم اللامع، ترفع عن أيدي المتناولين ونعت الناعتين.
كيف ننعته: وقد ضلت العقول، وتاهت الحلوم، وحسرت الخطباء، وعييت الأدباء عن وصف شأن منه.
كيف وعلي جعله النبي كنفسه وقال عنه الرسول الأعظم: أنه حبل الله المتين ، وصراطه المستقيم، هذا والعلماء والفقهاء من العام والخاص صنفوا وألفوا منذ فجر الإسلام إلى يومنا هذا كتبا قيمة ومصنفات وأبحاث كثيرة في فضائله (عليه السلام).
وقال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله جعل لأخي علي فضائل لا تحصى كثرة، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرا بها غفر الله له ما تقدم من ذنبه ... (1).
وأروع ما قال في حق علي (عليه السلام) محمد بن إدريس- إمام الشافعية-: «عجبت لرجل كتم أعداؤه فضائله حسدا وكتمها محبوه خوفا وخرج ما بين ذين ما طبق الخافقين» (2).
وخصص إمام الحنابلة- أحمد بن حنبل- في كتابه فضائل الصحابة بابا طويلا حاويا على (365) حديثا في فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام).
وكان المنصور الخليفة العباسي يحدث عن فضائل علي (عليه السلام) كما في كتابنا
صفحة ١٩
(الروضة) وهو أحد رواة حديث الغدير وأما الأعداء منهم معاوية بن أبي سفيان حين سأل ابن عباس في حديث (58) من الروضة وشهادة معاوية بفضله. وله من الفضائل لا تعد ولا تحصى منها عن النبي المختار (صلى الله عليه وآله وسلم) مثل حديث الغدير، والطير والثقلين، والكساء، والمنزلة، وباب مدينة العلم، وسد الأبواب، ورد الشمس، وغيرها.
وقد ساعدتنا الألطاف الإلهية في تحقيق هذا السفر المستطاب في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي الطالب (عليه السلام) وشاء الله الكريم الودود أن يمن علي ويعينني هو الذي يعطي من لم يسأله ولم يعرفه.
وقد بدأت تيمنا كما هو الموسوم بعد ما عثرنا على نسخة خطية للمصنف والذي جمعها أحد تلاميذه، وهي بخط أبناء العلماء ابن المرحوم محمد مؤمن علي الطالقاني المرجاني في سنة 1031 كما هو موجود في الصفحة الأخيرة من هذا الكتاب، وأشرنا إليها ب (الأصل) وهناك نسخة أخرى في الخزانة الرضوية ورمزنا لها (في نسخة) بعد مقابلة النسختين.
واعتمدنا على النسخة الكاملة وهي (الاصل) والتي تحوي على (195) حديثا وقد أشرنا لكل حديث رقما، وتم اتحادها مع كتاب (الفضائل) وكذا مع البحار، وخرجناها من كتب العامة والخاصة، وأشرنا إلى بعض الاختلافات الواردة وذكرناها في الهامش، وقمنا بشرح اكثر الالفاظ الصعبة نسبيا، وأثبتنا ترجمة بعض الأعلام من كتب تراجم الرجال، وهناك (25) حديثا ذكرت في الروضة فقط ولم نجدها في الفضائل علما أن المجلسي (قدس سره) في البحار ذكر المصدرين معا لحديث واحد، والله أسأل أن يسدد خطانا ويوفقنا جميعا لما فيه الخير، ويرضاه يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، إنه سميع مجيب، وهو أرحم الراحمين* .
علي الشكرچي 18 ربيع الأول 1421 هجري قم المقدسة
صفحة ٢٠
مقدمة المؤلف
(بسم الله الرحمن الرحيم)* القربى هم صلى الله عليهم مع الكتاب، والكتاب معهم، لا يفارقوه حتى يردوا الحوض على جدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جعلنا الله وإياكم ممن تولاهم وحفظ عهدهم وعهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فهم أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي، واصول الكرم، وسادة الأمم.
(صلى الله عليهم أجمعين)، وعلى قائمهم، الخلف الحجة المنتظر، الحسام الزكي، سيد الخلفاء، المنتظر لإقامة الحق والعدل في الخلق.
وبعد فاني قد جمعت في كتابي هذا- الذي سميته ب «الروضة»، ويشتمل على فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)- ما نقلته عن الثقاة، واتفقت عليه الروايات، فأسأل الله تعالى أن يوفقنا لمرضاته، وطاعة الأئمة وهو حسبي ونعم الوكيل .
(1) (حديث الحريرة)
قال جامع هذا الكتاب: حضرت الجامع بواسط، يوم الجمعة سابع شهر ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وستمائة وتاج الدين نقيب الهاشميين يخطب بالناس على أعواده.
فقال بعد حمد الله، والشكر له، وذكر الخلفاء بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (1)
صفحة ٢١
ثم قال في حق علي بن أبي طالب (عليه السلام) : إن (1) جبرئيل (عليه السلام) نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبيده أترنجة، فقال له: يا رسول الله، الحق يقرئك السلام، ويقول لك:
قد أتحفت ابن عمك عليا (عليه السلام) هذه التحفة، فسلمها إليه، فسلمها إلى علي (عليه السلام).
فأخذها بيده وشقها نصفين، فطلع في نصف منها حريرة من سندس الجنة مكتوب عليها: «تحفة من الطالب الغالب لعلي بن أبي طالب» (2)
. (2) (حديث الرطب)
عن القاروني حكاية عنه قيل: إنه كان (يوما) (3) على منبره، ومجلسه يومئذ مملوء بالناس، في جمادى الآخرة (من) (4) سنة اثنين وخمسين وستمائة بواسط ما رواه عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مسجده، وعنده جماعة من المهاجرين والأنصار، إذ دخل عليه جبرئيل (عليه السلام) وقال له:
يا محمد، الحق يقرئك السلام، ويقول لك: أحضر عليا واجعل وجهه مقابل وجهك. ثم عرج جبرئيل (عليه السلام) إلى السماء، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا، فأحضره وجعل وجهه مقابل وجهه.
فنزل جبرئيل ثانيا ومعه طبق فيه رطب، ووضعه بينهما، ثم قال:
(4) من البحار.
صفحة ٢٢
كلا، فأكلا، ثم أحضر طشتا وإبريقا، وقال: يا رسول الله صلى الله عليك وآلك قد أمرك الله أن تصب الماء على يد علي بن أبي طالب (عليه السلام).
فقال له علي (عليه السلام) (1) يا رسول الله، أنا أولى أن أصب الماء على يدك.
فقال له: (يا علي) (2) إن الله سبحانه وتعالى أمرني بذلك.
وكان كلما صب الماء على يدي علي، لم تقع منه قطرة واحدة في الطشت، فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله إني لم أر شيئا من الماء يقع في الطشت.
فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (يا علي) (3) إن الملائكة يتسابقون على الماء الذي يقع من يدك فيغسلون به وجوههم يتبركون به (4)
. (3) (حديث علي ولي الله)
وعنه رضي الله عنه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من قال: «لا إله إلا الله» تفتحت له أبواب السماء، ومن تلاها ب «محمد رسول الله» تهلل وجه الحق (5) سبحانه واستبشر بذلك.
ومن تلاها «علي ولي الله» غفر الله له ذنوبه، ولو كانت بعدد قطر المطر (6) .
صفحة ٢٣
(4) (حديث حب علي)
وعنه رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): حب علي (عليه السلام) يحرق الذنوب كما تحرق النار الحطب (1)
(5) (حديث علي خير من أترك بعدي)
وعن أبي بكر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): علي خير من أترك بعدي، فمن أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني (2)
. (6) (حديث من تبع عليا دخل الجنة)
وعن ابن مسعود، قال: كنت عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذا نحن وقد تنفس الصعداء، فقلت خيرا يا رسول الله؟ فقال: نعيت إلي نفسي، فقلت: ألا توصي يا رسول الله؟ فقال: إلى من، يا ابن مسعود؟
فقلت: إلى أبي بكر. فأطرق هنيئة، ثم رفع رأسه، فتنفس الصعداء.
فقلت: خيرا يا رسول الله؟ فقال: نعيت إلي نفسي.
فقلت ألا توصي يا رسول الله؟ فقال: إلى من، يا ابن مسعود؟
فقلت: إلى عمر، فأطرق هنيئة، ثم رفع رأسه، وتنفس الصعداء.
فقلت: خيرا يا رسول الله؟ فقال: نعيت إلي نفسي، فقلت: ألا توصي يا رسول الله؟ فقال: إلى من، يا ابن مسعود؟
فقلت إلى عثمان. فأطرق هنيئة، ثم رفع رأسه، وتنفس الصعداء.
صفحة ٢٤
فقلت: خيرا بأبي وأمي يا رسول الله؟ فقال: نعيت إلي نفسي.
فقلت: ألا توصي يا رسول الله؟ فقال: إلى من، يا ابن مسعود؟
فقلت: إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال لي:
يا ابن مسعود، والذي نفسي بيده لو اتبعوا آثار قدميه، لدخلوا الجنة أجمعون (1)
. (7) (حديث المؤاخاة)
وقيل: لما آخى الله تعالى بين الملائكة، آخى بين جبرئيل وميكائيل.
فقال: إني قد آخيت بينكما، وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر، فأيكما يؤثر أخاه بالحياة؟ فاختار كلاهما الحياة.
فقال الله عز وجل: أفلا تكونان مثل علي؟ حيث آخيت بينه وبين حبيبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد آثره بالحياة على نفسه في هذه الليلة.
وقد بات على فراشه يفديه بنفسه.
اهبطا فاحفظاه من عدوه. فهبطا إلى الأرض وجلس جبرئيل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وهما يقولان: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب، من مثلك؟
وقد باهى الله بك ملائكة السماء، وفاخر بك (2)
.
صفحة ٢٥
(8) (حديث علي الامام المبين)
عن عمار بن ياسر رضي الله عنه، قال كنت عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في بعض غزواته فمررنا بواد مملوء نملا.
فقلت: يا أمير المؤمنين، أترى (يكون) (1) أحدا من خلق الله تعالى يعلم كم عدد هذا (النمل)؟
قال: نعم يا عمار، أنا أعرف رجلا يعلم عدده، وكم فيه من ذكر؟ وكم فيه من أنثى؟
فقلت: ومن ذلك الرجل يا مولاي؟
فقال: يا عمار، أما قرأت في سورة يس: وكل شيء أحصيناه في إمام مبين (2) فقلت: بلى يا مولاي، فقال: أنا ذلك الإمام المبين (3)
. (9) (حديث اختيار الله لعلي وفاطمة)
قيل: جاءت فاطمة (عليها السلام) إلى أبيها، وهي باكية.
فقال لها: ما يبكيك يا قرة عيني، لا أبكى الله لك عينا؟
قالت: يا أبتي إن نسوان قريش يعيرن ويقلن: إن أباك زوجك بفقير لا مال له! فقال لها: يا فاطمة! إن الله عز وجل اطلع إلى الأرض اطلاعة، فاختار منها أباك، ثم اطلع اطلاعة ثانية، فاختار منها بعلك وابن عمك، ثم أمرني أن أزوجك منه، أفلا ترضين أن تكوني زوجة من اختاره الله، وجعله لك بعلا؟
صفحة ٢٦
فقالت: رضيت وفوق الرضا، يا رسول الله (1)
. (10) (حديث آية التطهير)
وعن أبي سعيد الخدري، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في قوله تعالى: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (2) وكانت أم سلمة واقفة بالباب، فقالت: يا رسول الله، وأنا منهم؟ فقال لها: يا أم سلمة أنت على خير (3)
. (11) (حديث معجزة لعلي)
وعن إبراهيم بن مهران، أنه قال: كان بالكوفة رجل تاجر، يكنى بأبي جعفر وكان حسن المعاملة في الله، ومن أتاه من العلويين أعطاه شيئا ولا يمنعه، يقول لغلامه:
اكتب: «هذا ما أخذه علي» (عليه السلام) (وبقي على ذلك أياما).
ثم قعد به الوقت وافتقر فنظر يوما في حسابه، فجعل كلما مر عليه اسم حي من غرمائه بعث إليه فطالبه.
ومن مات ضرب على اسمه فبينما هو جالس على باب داره، إذ مر به رجل، فقال: ما فعل غريمك علي بن أبي طالب؟ فاغتم لذلك غما شديدا، ودخل داره فلما جن عليه الليل، رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان الحسن والحسين (عليهما السلام) يمشيان أمامه، فقال لهما النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ما فعل أبوكما؟ فأجابه علي (عليه السلام) من ورائه: ها أنا يا رسول الله.
فقال له: لم لا تدفع إلى هذا الرجل حقه؟
فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله، قد جئته به.
فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ادفعه إليه فأعطاه كيسا من صوف أبيض، وقال له: هذا
صفحة ٢٧
حقك، فخذ ولا تمنع من جاءك من ولدي شيئا، فإنه لا فقر عليك بعد هذا.
فقال الرجل: فانتبهت والكيس في يدي، فناديت زوجتي فقلت لها: هاك، فناولتها الكيس، وإذا فيه ألف دينار.
فقالت: يا هذا الرجل، اتق الله ولا يحملك الفقر على أخذ ما لا تستحقه، فإن كنت خدعت بعض التجار في ماله، فاردده إليه! فحدثتها الحديث.
فقالت: إن كنت صادقا فأرني حساب علي بن أبي طالب (عليه السلام).
فحضر الدستور، فلم ير فيه شيئا بقدرة الله تعالى (1)
(12) (حديث حب علي حسنة)
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حب علي (عليه السلام) حسنة، لا يضر معها سيئة، وبغضه سيئة لا تنفع معها حسنة (2)
. (13) (حديث النبي وعلي من نور واحد)
وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: خلقت أنا وعلي من نور واحد، فمحبي محب علي، ومبغضي مبغض علي (3) .
صفحة ٢٨
(14) (حديث من سب عليا ألقي في النار)
عن ابن عباس رضي الله عنه، عن عكرمة مولاه، قال: مررنا بجماعة وقد أخذوا في سب علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال لي مولاي عبد الله بن عباس: أدنني من القوم فأدنيته منهم.
فقال رضي الله عنه: يا قوم، من الساب لله تعالى؟
فقالوا: معاذ الله يا ابن عم رسول الله، فقال: من الساب لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
فقالوا: ما كان ذلك، قال : فمن الساب لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، قالوا: كان ذلك فقال: والله لقد سمعت رسول الله بأذني هاتين، وإلا صمتا أنه قال: من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله تعالى، ومن سب الله تعالى ألقاه على منخريه في النار (1)
. (15) (حديث علي أمير المؤمنين على لسان جبرئيل)
قيل دخل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، (وهو) في منزل أم سلمة، ورأسه في حجر جبرئيل، وهو في صورة دحية الكلبي، فسلم وجلس، فقال له جبرئيل: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أمير المؤمنين، خذ رأس
صفحة ٢٩
ابن عمك وضعه في حجرك، فأنت أولى به مني، فأخذ رأس (1) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، (ووضعه في حجره (2) ) فاستيقظ (3) رسول الله، فرأى (4) رأسه في حجر ابن عمه علي (عليه السلام).
فقال له: يا علي، وأين الرجل (الذي كان رأسي في حجره) (5) .
فقال له: يا رسول الله، ما رأيت إلا دحية الكلبي، وقال له: وما قال لك عند دخولك؟
فقال: لما دخلت سلمت عليه فقال: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أمير المؤمنين.
فقال: (هنيئا لك) (6) يا علي، فإنه كان الروح الأمين أخي جبرئيل، وهو أول من سلم عليك بإمرة المؤمنين (7)
. (16) (حديث علي قاتل اللات والعزى)
قال علي (عليه السلام): دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ذات ليلة من الليالي، وهي ليلة مدلهمة فقال خذ سيفك وارتق جبل أبي قبيس، فمن رأيت على رأسه فاضربه بهذا السيف.
صفحة ٣٠