الروض المعطار في خبر الأقطار
محقق
إحسان عباس
الناشر
مؤسسة ناصر للثقافة-بيروت
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٩٨٠ م
مكان النشر
طبع على مطابع دار السراج
خاخ (١):
موضع قريب من المدينة وهو الذي ينسب إليه روضة خاخ، ونفى النبي ﷺ إلى خاخ هيت المخنث فبقي فيه إلى أيام عثمان ﵁ لخبره المشهور مع عبد الله بن أبي أمية إذ قال له: إذا فتح الله عليكم الطائف فاطلب فلانة فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، الخبر بطوله.
وقال علي ﵁: بعثني رسول الله ﷺ وأبا مرثد والزبير بن العوام ﵄ وكلنا فارس، قال: فانطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين، قال: فأدركناها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله ﷺ، فقلنا لها: الكتاب، قالت: ما معي كتاب، فانخناها والتمسناها فلم نر كتابًا، قلنا: ما كذب رسول الله ﷺ لتخرجن الكتاب أو لنجردنك، فلما رأت الجد أهوت إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجته، فانطلقنا به إلى رسول الله ﷺ، فقال عمر ﵁: يا رسول الله قد خان الله ورسوله فدعني فلأضرب عنقه، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: ما بي إلا أن أكون مؤمنًا بالله ورسوله، أردت أن يكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي، وليس أحد من أصحابك إلا من له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله، فقال: صدق، ولا تقولوا له إلا خيرًا، فقال عمر ﵁: إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني فلأضرب عنقه، فقال ﷺ: أليس من أهل بدر، لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة أو قد غفرت لكم، فدمعت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم. وهذه المرأة هي سارة مولاة عمرو بن صيفي بن هاشم بن عبد مناف.
خازر (٢):
نهر بناحية الموصل معروف، عليه التقى إبراهيم بن مالك الأشتر وعبيد الله بن زياد فقتله إبراهيم. وقال الأخفش: خازر هو خازر المدائن، وجازر بالجيم هو نهر الموصل.
خارك (٣):
جزيرة على أربعة فراسخ من جنابا في البحر، وهي على طريق البصرة، وخارك اسم جزيرة في بلاد البحرين بينها وبين جزيرة أوال مائتا ميل وأربعون ميلًا، وهي ثلاثة أميال في ثلاثة أميال وبها زروع وأرز كثير وكروم ونخل، وهي جزيرة حسنة كثيرة الأعشاب حصينة وبها عيون ماء كثيرة مياهها عذبة، وهي تمر في وسط البلد تطحن عليها الأرحاء، ومنها عين كبيرة قوراء مستديرة الفم في عرض ستين شبرًا، والماء يخرج منها وعمقها يزيد على خمسين قامة، وعامة أهل تلك البلاد يزعمون أنها متصلة بالبحر وهو غلط، لأن ماء هذه العين عذب وماء البحر زعاق.
وفي هذه الجزيرة أمير قائم بنفسه عادل حسن السيرة، وإذا مات فإنما يلي مكانه من يكون مثله في العدل والقيام بالحق، وفي هذه الجزيرة مغاص اللؤلؤ وهو يعرف بالخاركي، ويسكن في هذه الجزيرة رؤساء الغواصين في البحر، ويقصدها التجار من جميع الأقطار بالأموال الكثيرة، ويقيمون بها الأشهر الكثيرة حتى يكون وقت الغوص فيكترون الغواصين بأسوام معلومة تتفاضل على قدر تفاضل الغوص والأمانة وزمان الغوص شهر أغشت وشتنبر، فإذا كان أول ذلك وصفا الماء للغوص واكترى كل واحد من التجار صاحبه من الغواصين خرجوا من المدينة في أزيد من مائتي زورق (٤)، ويقطعه التجار أقسامًا، في كل زورق خمسة أقسام وستة، وكل تاجر لا يتعدى قسمه من المراكب، وكل غواص له صاحب يتعاون به في عمله، وأجرته على خدمته أقل من أجرة الغطاس. ويخرج الغواصون من هذه المدينة وهم جملة في وقت خروجهم ومعهم دليل ماهر، ولهم مواضع يعرفونها بأعيانها بوجودهم صدف اللؤلؤ فيها لأن للصدف مراع (٥) يجول فيها وينتقل إليها ويخرج عنها في وقت آخر إلى أمكنة أخر معلومة بأعيانها، فإذا خرج الغواصون تقدمهم الدليل وخلفه الغواصون في مراكبهم صفوفًا، فكلما مر الدليل بموضع من تلك المواضع التي يصاد فيها صدف اللؤلؤ تنحى عن ثيابه وغطس في البحر ونظر، فإن وجد ما يرضيه خرج وأمر بحط قلعه وأرسى زورقه وحطت جميع المراكب حوله وأرست وانتدب كل غواص إلى غوصه. وهذه المواضع يكون عمق الماء فيها من ثلاث قيم إلى قامتين فدونها، وإذا تجرد الغواص عن ثيابه وبقي في ما يستر عورته ووضع في أنفه المنخل (٦) وهو
(١)
(٢) معجم ما استعجم ٢: ٤٨٤، وقارن بياقوت (خازر) .
(٣) نزهة المشتاق: ١٢١.
(٤) نزهة المشتاق: مائتي دونج، والدونج أكبر من الزورق.
(٥) كذا في ص ع ونزهة المشتاق.
(٦) نزهة المشتاق: الخلنجل.
1 / 212