الروض المعطار في خبر الأقطار
محقق
إحسان عباس
الناشر
مؤسسة ناصر للثقافة-بيروت
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٩٨٠ م
مكان النشر
طبع على مطابع دار السراج
نصير: بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب من عبد العزيز بن موسى ابن نصير لتدمير بن غندرس (١) أنه نزل على الصلح وأن له عهد الله وذمته وذمة نبيه ﷺ ألا يقدم له ولا لأحد من أصحابه ولا يؤخر ولا ينزع من ملكه، وانهم لا يقتلون ولا يسبون ولا يفرق بينهم وبين أولادهم ولا نسائهم ولا يكرهوا على دينهم ولا تحرق كنائسهم، ولا تشع عن ملكه ما تعبد ونصح وأدى الذي اشترطنا عليه، وأنه صالح على سبع مدائن اوريولة وبلنتله ولقنت ونوله (٢) وبلانة (٣) ولورقة وأله (٤)، وأنه لا يؤوي لنا آبقًا ولا يخيف لنا آمنًا ولا يكتم خبر عدو، وأن عليه وعلى أصحابه دينارًا كل نسمة (٥) وأربعة أمداد شعير وأربعة أقساط طلا وأربعة أقساط خل وقسطي عسل وقسطي زيت، وعلى العبد نصف ذلك، وكتب في رجب سنة أربع وتسعين من الهجرة.
تدلس (٦):
مدينة كبيرة بحرية بين بجاية والجزائر وبينها وبين مرسى الدجاج أربعة وعشرون ميلًا وهي على شرف متحصنة لها سور حصين وآثار ومتنزهات، وبها من رخص الفواكه والأسعار والمطاعم والمشارب ما لا يوجد في غيرها، والبقر والغنم بها موجودة كثيرة رخيصة الأثمان، وبينها وبين بجاية في البر تسعون ميلًا، وكان يحيى بن إسحاق الميورقي دخلها دخلة منكرة وفعل فيها أفعالًا مشهورة بالتخريب وهتك الأستار.
ترمذ (٧):
في خراسان، منها الترمذي محمد بن عيسى بن سورة الحافظ صاحب كتاب " الجامع " توفي سنة سبع وتسعين ومائتين، وترمذ على الضفة الشرقية من جيحون وهو يضرب سورها، ولها ربض كبير يحيط بها، ودار الإمارة في قصرها، ولها أسواق وعمارات، وأسواقها في مدينتها، وهي مدينة حسنة عامرة آهلة مفروشة الأزقة في الشوارع بالآجر، وهي فرضة لتلك النواحي التي على جيحون، وشرب أهلها من جيحون، وبينها وبين بلخ مرحلتان وبينها وبين مدينة الصغانيان خمس مراحل، وهي أكبر من الترمذ، والترمذ أكثر أهلًا.
وفي سنة إحدى عشرة وستمائة سار خوارزم شاه بجموعه الكثيفة إلى صاحب الترمذ وراء نهر جيحون حتى أخذه وقتله كما فعل بصاحب الباميان واستولى على بلادهما ولم يبق له في تلك الجهات من ملوك الإسلام مجاور، وصار كلما فتح مملكة ولى عليها مملوكًا من مماليكه فخلت الممالك من الذخائر وعدمت تدبير الملوك وصار ذلك توطئة لخراب البلاد.
ترشيش:
هو اسم لتونس، ونؤخر الكلام عليها إلى موضع ذكر تونس إذ هو الاسم الأشهر لها.
ترنكة (٨):
من بلاد السودان تلي مدينة قلنبو (٩)، وترنكة مدينة كبيرة على نظر (١٠) واسع، وبها تصنع الأزر المسماة بالشنكيات (١١) وهي من القطن، وليس بهذه المدينة قطن كثير وإنما هو مجلوب إليها وهم يتبركون بشجره، فقل ما عندهم منزل ولا دار إلا وفيه شجرة قطن. وحكم أهل هذه البلاد في السارق أن يخير صاحب السرقة في بيع السارق أو قتله، وحكمهم في الزاني أن يسلخ من جلده. ومن مدينة ترنكة تصل بلاد السودان إلى بلد راكنو (١٢) وهم من البرابر وهم يعبدون ثعبانًا عظيمًا له عرف وذنب ورأسه كرأس البخت، وهو في مغارة في أصل جبل وعلى فم المغارة عريش وحوله مواضع يتعبدون فيها لذاك الثعبان، ويعلقون نفيس الثياب والمتاع على تلك المغارة، ويصنعون لذلك الثعبان جفان الطعام وعساس اللبن والشراب، فهم إذا أرادوا خروجه إلى ذلك العريش تكلموا كلامًا معلومًا عندهم وصفروا تصفيرًا كذلك فيبرز إليهم، فإذا هلك وال من ولاتهم جمعوا أولاده إن كان له ولد ومن يصلح للملك بعده وقربوهم من ذلك الثعبان فلا يزال يشمهم رجلًا رجلًا حتى ينفخ أحدهم بأنفه، ثم يولي ذلك الثعبان راجعًا إلى مغارته فيتبعه ذلك الرجل والثعبان مسرعًا إلى المغارة والرجل يجهد في الجري خلفه بأشد ما يقدر عليه فيجذب من ذنبه أو عرفه شعرات فتعد
(١) ص: عبدوش؛ البغية: غبدوش.
(٢) بروفنسال: ومولة.
(٣) ص ع: وفلانة وفلانة، وفي موضعهما في البغية: وبقسرة وأية، فكأن المؤلف كنى عنهما حين لم يستطع قراءتهما.
(٤) أله: (Ello)، وقد عينها بعض الباحثين في منطقة مرسية، وفي قراءة البغية أيه، وذهب آخرون إلى أنها (Ojos) وهي أيضًا في مقاطعة مرسية.
(٥) البغية وبروفنسال: سنة.
(٦) الإدريسي (د/ ب): ٩٠/ ٦٢.
(٧) نزهة المشتاق: ١٤٥، وابن حوقل: ٣٩٤، والكرخي: ١٦٦، وياقوت (ترمذ) .
(٨) الاستبصار: ٢١٨، والبكري: ١٧٣ (ترنقة) .
(٩) ص ع: قلنيق.
(١٠) ص ع: بطن.
(١١) الاستبصار والبكري: الشكيات.
(١٢) الاستبصار: زافون؛ البكري: زافقوا.
1 / 132