بعده وهو الباقلاني فوقعوا في تشبيه البري سحانه خلافا للإفراق ،وانتكسوا إلى يوم التلاق (¬1) . هذا كلامه , وهو ظاهر في أن هذه القصه هي أول سبب لهذه البدعه التي هي القول بقدم القرأن العظيم ، وما أشبه هذه القصه بقصة بوليس اليهودي _ التي لمح المصنف إليها أنفا _ في إضلاله للنصارى , فكان تلميحه إلى تلك القصه إشاره إلى تساوي القصتين .
13 إن كنت ذا عقل ودين مخلصا ... ... لله في الأسرار والإعلان
لم تثنه في الله لومة لائم ... ... فاسمع مقالا ليس بالهذيان
أي أن كانت صاحب لب وحجا وتعبد في الإسلام حال كونك مصفيا تعبدك لأجل رضى واجب الوجود لذاته وذلك الإخلاص منك في الإخفاء والجهر حتى نزلت منزلة من لا يصرفه عن رضى ربه عذل عاذل فاصغ (¬2) سمعك إلى قول أقوال به على وجه الحق وهو من المعقول بين أرباب العقول .
فالعقل : هو اللب والحجى ، ولهذا قال بعض الناس : العقل غريزة يتهيأ بها الإنسان إلى فهم الخطاب .
والمراد بالدين : هنا التعبد بالإسلام ، من قولهم : دان بالإسلام وتدين ، إذا تعبد به .
وقوله مخلصا : حال التاء في كنت ، والمخلص هو المصفي والمراد به تصفية العمل من شوائب الزلل .
وقوله لله : متعلق به ، والام للتعليل والأصل : لأجل رضى الله ، فحذف المضاف لكثرة الأستعمال ، يقال أحببته لله ، وعملت كذا لله .. وهكذا .
والأسرار : بكسر الهمزة مصدر أسره، إذا أخفاه .
والإعلان : بكسر الهمزة مصدر أعلن به : إذا أظهره . وقرن المصنف بينهما لأن المخلص لابد له من الإخلاص في حالتيهما فمضيع الإخلاص في الإخفاء منافق ومضيعه في الإعلان فاسق، والواجب اقترانهما في المؤمن .
وقوله لم تثنه : بفتح التاء المثناة (¬3) الفوقية من ثناه عن مراده يثنيه إذا صرفه عنه .
ولومة مقالا : أي أمل سمعك إلى قول ، صفته بأنه معقول بين أرباب العقول ، فان من الحق المعقول ان يلتقي بالقبول .
صفحة ٨٦