2 وبرئت ممن اخلص التوحيد إذ لم يثبت القدما مع الديان
أي وضللت الذين صفوا عقائدهم مع إثبات شريك في الأزل (¬1) عند المجازي لخلقه بأعمالهم ، ودعوت عليهم بموجب العذاب في الآخرة لأجل تنزيههم الرب تعالى عن مشابهة الأشياء له في الصفة الخاصة به ، التي هي السبق على كل شيء .
فالبراءة : شرعا هي البغض بالقلب والشتم باللسان والدعاء بموجب النار في الآخرة - والعياذ بالله - والحكم بالتضليل عين البراءة الشرعية.
وأخلص : أي صفي .
والتوحيد : هو تنزيه الأشياء عن مشابهة الأشياء والإعتراف له بالوحدانية . ولابد من تقدير مضاف ، وأصله من أخلص اعتقاد التوحيد لأن الإعتقاد هو الذي يخلصه الموحد من شائبة الزيغ . وقد يقال أنه لا يحتاج إلى تقدير شيء ، إذا المراد بالتوحيد هنا المعتقد ، وعليه فالمعنى وبرئت ممن أخلص معتقده ، وإخلاص المعتقد هو أن لا يكون فيه سيء من البدع المضله .
وإذ : للتعليل ، أي برئت منه لأجل عدم إثبات القدماء عند الواحد الديان (¬2) والمراد بالقدماء ما كانوا أكثر من واحد ، فيشمل الإثنين فما فوق لأنه إذا جاز أن يكون قديمان (¬3) في الأزل جاز أن يكون ثلاثة قدما ، وكذا يجوز الألف والألفان .
والديان : لغة هو المجازي وهو هنا اسم من اسمائه (¬4) تعالى ، ووصف فعلى له - عز وجل - ومعناه : مجازي العباد بأعمالهم في الآخرة لأنه العفو عن العقاب هو عمن مات تائبا ، أما من مات مصرا فلا عفو عنه في الآخرة والله مجازيه بعمله .
دعوى ناظم النونيه في ديوان الدعائم
واختار هذا الوصف هنا لما فيه من توعيظ الخصم المتجري بالتضليل ، ولما فيه من التنبيه له على أن عمله هذا مما يستوجب المجازاة عليه إن لم يتب منه ، فيكون تحريضا له على التعجيل بالتوبة من ذلك التضليل الذي صرح به في قوله :
صفحة ٦٢