روض البيان على فيض المنان في الرد على من ادعى قدم القرآن

نور الدين السالمي ت. 1332 هجري
26

روض البيان على فيض المنان في الرد على من ادعى قدم القرآن

تصانيف

2 وبرئت ممن اخلص التوحيد إذ لم يثبت القدما مع الديان

أي وضللت الذين صفوا عقائدهم مع إثبات شريك في الأزل (¬1) عند المجازي لخلقه بأعمالهم ، ودعوت عليهم بموجب العذاب في الآخرة لأجل تنزيههم الرب تعالى عن مشابهة الأشياء له في الصفة الخاصة به ، التي هي السبق على كل شيء .

فالبراءة : شرعا هي البغض بالقلب والشتم باللسان والدعاء بموجب النار في الآخرة - والعياذ بالله - والحكم بالتضليل عين البراءة الشرعية.

وأخلص : أي صفي .

والتوحيد : هو تنزيه الأشياء عن مشابهة الأشياء والإعتراف له بالوحدانية . ولابد من تقدير مضاف ، وأصله من أخلص اعتقاد التوحيد لأن الإعتقاد هو الذي يخلصه الموحد من شائبة الزيغ . وقد يقال أنه لا يحتاج إلى تقدير شيء ، إذا المراد بالتوحيد هنا المعتقد ، وعليه فالمعنى وبرئت ممن أخلص معتقده ، وإخلاص المعتقد هو أن لا يكون فيه سيء من البدع المضله .

وإذ : للتعليل ، أي برئت منه لأجل عدم إثبات القدماء عند الواحد الديان (¬2) والمراد بالقدماء ما كانوا أكثر من واحد ، فيشمل الإثنين فما فوق لأنه إذا جاز أن يكون قديمان (¬3) في الأزل جاز أن يكون ثلاثة قدما ، وكذا يجوز الألف والألفان .

والديان : لغة هو المجازي وهو هنا اسم من اسمائه (¬4) تعالى ، ووصف فعلى له - عز وجل - ومعناه : مجازي العباد بأعمالهم في الآخرة لأنه العفو عن العقاب هو عمن مات تائبا ، أما من مات مصرا فلا عفو عنه في الآخرة والله مجازيه بعمله .

دعوى ناظم النونيه في ديوان الدعائم

واختار هذا الوصف هنا لما فيه من توعيظ الخصم المتجري بالتضليل ، ولما فيه من التنبيه له على أن عمله هذا مما يستوجب المجازاة عليه إن لم يتب منه ، فيكون تحريضا له على التعجيل بالتوبة من ذلك التضليل الذي صرح به في قوله :

صفحة ٦٢