جبرائيل ,أن يكون على غير هذه الصفات كلها لقصورنا عن الإحاطة بذلك , لأن العدول عنها إلى إثبات القرآن قديما صفة ذاتية أزلية , باطل, لأنة (¬1) (قد) يقتضي أن علم الله الذاتي قد يكون مرة قرآنا وتارة توراة وطورا انجيلا وأخرى زبورا وأونة صحف موسى ، وقد كان علم الله الذي هو صفة من صفات ذاته ولا توراة معه ولا انجيل ولا زبور ولا صحف ولا قرآن وهو الآن على ما عليه كان ، لان الصفات الذاتية لا يجوز عليها التكثر ولا التبدل ولا التغير أصلا، وإنما تختلف آثارها ومدلولاتها وتكثر أو تقل بحسب التجدد والحدوث ، معلوماتها والآثار كلها مخلوقه ، قال الله تعالى : { فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها } (¬2) . فالكتب المنزلة ، إنما هي في الحقيقة مدلولات علمه الذي هو من صفات ذاته سبحانه وتعالى لا نفس العلم الذي هو صفة لذاته القديمة وإلا لكان التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى والقرآن وجميع الوحي كله قديما موجودا في الأزل مع الله تعالى بهذه الألفاظ المخلوقة المحدثة على كثرتها ، فيكون كثير من المخلوقات قديما موجودا في الأزل مع الله القديم (¬3) الأزلي وهذا باطل إذا لا قديم سواه ، وكل شيء غيره حادث ، ولا يجوز أن يكون القرآن مثلا قديما معه بلا وجدان صورته مكتوبا أو متلوا بألفاظه وكلماته ، لأنه من القول بوجدان حقيقته لم توجد وهو محال ، فعلم ضرورة وإنما القديم (¬4)
صفحة ٥٧