94

روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار

الناشر

دار القلم العربي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٣ هـ

مكان النشر

حلب

الروضة الخامسة في الظن والفراسة والعقل والفطنة والرأي والتدبير والتجارب والمشاورة عليّ ﵁: اتّقوا ظنون المؤمنين، فإنّ الله جعل الحق على ألسنتهم. قيل لعالم: من أسوأ الناس حالا؟ قال: من لا يثق بأحد لسوء ظنّه، ولا يثق به أحد لسوء فعله. طلب المتوكّل جارية الزّقّاق «١» بالمدينة، فكاد يزول عقله لفرط حبّها. فقالت لمولاها: أحسن الظنّ بالله وبي، فإني كفيلة لك بما تحبّ. فحملت «٢»، فقال لها المتوكل: اقرئي، فقرأت: إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ «٣» . ففهم المتوكل ما أرادت فردّها. قيل لصوفي: ما صناعتك؟ قال: حسن الظنّ بالله وسوء الظنّ بالخلق. كان ابن الزبير يقول: لا عاش بخير من لم ير برأيه ما لم ير بعينه. يقال: من لم تعرفك غائبا أذناه لم تعرفك شاهدا عيناه. قيل: كما أنّ الأبصار تنطبع فيها المشاهدات إذا سلمت من صدأ الآفات، فكذلك العقول مرايا تنطبع فيها الغائبات إذا سلمت من صدأ الشهوات. قيل ليعقوب ﵇: إنّ بمصر رجلا يطعم المساكين ويملأ حجر اليتيم. فقال: ينبغي أن يكون هذا من أهل البيت. فنظروا فإذا هو يوسف عليه

1 / 98