206

روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار

الناشر

دار القلم العربي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٣ هـ

مكان النشر

حلب

عيوب الناس، وطوبى لمن لزم بيته، وأكل قوته، واشتغل بطاعته، وبكى على خطيئته، فكان من نفسه في شغل، والناس منه في راحة. في الحديث:
«المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس» . قيل: أجهل الناس من استأنس بالوحدة وتكثّر بالخلوة. قيل: إياكم والعزلة فإنّ في ملاقاة الناس معتبرا نافعا ومتّعظا واسعا. قيل: البيت رمس «١» ما لزمته. ولقد أحسن الذي قال:
وحدة العاقل خير ... من جليس السوء عنده
وجليس الخير خير ... من جلوس المرء وحده
الحكيم: ينبغي للعاقل أن يتخيّر جليسه كما يتخيّر مأكوله ومشروبه، وفي تخيّرهما صلاح البدن، وفي تخيّر الجليس صلاح النفس. قيل:
ما ضاع من كان له صاحب ... يقدر أن يصلح من شانه
وإنما الأرض بسكّانها ... وإنما المرء بإخوانه
قال رجل لابن عباس ﵄: ادع الله أن يغنيني عن الناس.
فقال: إنّ حوائج الناس متصل بعضها ببعض كاتصال الأعضاء فمتى يستغني المرء عن بعض جوارحه؟ ولكن قل: أغنني عن شرار الناس. سمع عمر ﵁ رجلا يقول: اللهم أغنني عن الناس، فقال: أراك تسأل الموت، قل:
اللهم أغنني عن شرار الناس. والله تعالى أعلم.

1 / 210