والصلاة السامة التامة على خيرته من خليقته محمد أكرم المصطفين من بريته، وأوصيائه الطاهرين حملة العلم، وخزنة الوحي من الأصفين، من خاصته الأزكين من عترته.
وبعد: فإن أحوج المربوبين وأفقر المفتاقين إلى رحمة ربه الحميد الغني محمد بن محمد يدعى " باقر الداماد الحسيني " - ختم الله له في نشأتيه بالحسنى، وسقاه في المصير إليه من كأس المقربين ممن له لديه لزلفى، وجعل خير يوميه غده، ولا أوهن من الاعتصام بحبل فضله العظيم يده - يملي على قلوب العقول، ويتلو على أسماع الألباب أن من المنصرح في مصاره، (1) المقتر في مقاره أن المعجزة القولية في العقول الصريحة أوقع، والخواص من العقلاء المراجيح (2) لها أطوع.
والقرآن الحكيم من التنزيل الكريم - مع كونه أفضل المعجزات وأجملها، وأعظم الآيات وأجزلها - لبقائه من دونها أدوم البقاء مدى الأبد، وثباته أقصى الثبات بلا أمد، فهو بما أنه من حقائق الحكم، ودقائق البلاغة، وراء ما يتناهى، بل ما لا يتناهى بما لا يتناهى أبلغ ناطق وأصدق شاهد لنفسه بنبالة الأمر، وجلالة القدر؛ إذ ما من معجزة فعلية أتى بها الأقدمون من الأنبياء، والأولون من المرسلين إلا وإذا دقق المتبصر (3) التأمل، ولطف التدبر، صادف بعقله فيما قبلنا من جنسها في أفاعيل الله تعالى وصنائعه ما هو آنق (4) وأعجب وأحكم وأتقن.
وأما هو (5) فلا صودف ولن يصادف - فيما تناله عقولنا، وتبلغه أوهامنا - من
صفحة ٢٢