أما الرهبة من الجمال، فللهيمان (1) الحاصل من الجمال الإلهي، ولإنقهار العقل منه وتحيره فيه.
وأما الرغبة في الجلال. فللطف المستور في القهر الإلهي، كما قال تعالى:
(و لكم في القصاص حيوة يا أولى الألباب) (2) وقال أمير المؤمنين كما روي عنه: " سبحان من اتسعت رحمته لأوليائه في شدة نقمته، واشتدت نقمته لأعدائه في سعة رحمته ". (3) ومن هنا يعلم قوله: " حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات ". (4) قوله: (النافذ أمره في جميع خلقه).
المراد به أمر التكوين لا أمر التشريع، فلله أمران: أمر تكوين وهو الذي بلا واسطة مخلوق. وأمر تشريع بواسطة الكتب والرسل (عليهم السلام). والأول نافذ في جميع الخلق، ولا يسعهم إلا الطاعة كما قال تعالى: (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول لهو كن فيكون). (5) لثاني مختص بالثقلين، فمنهم من أطاع، ومنهم من عصى.
قوله (علا فاستعلى، ودنا فتعالى).
أي سبق في العلو فاستعلى، وغلب على جميع الموجودات.
وتحريره أن العلو يقال بالاشتراك على معان ثلاثة:
الأول: العلو الحسي المكاني كارتفاع بعض الأجسام على بعض.
الثاني: العلو التخييلي، كما يقال للملك الإنساني: إنه أعلى الناس أي أعلاهم في الرتبة المتخيلة كمالا.
الثالث: العلو العقلي، كما في بعض الكمالات العقلية التي بعضها أعلى من
صفحة ٣١