روائع التفسير (الجامع لتفسير الإمام ابن رجب الحنبلي)
الناشر
دار العاصمة
رقم الإصدار
الأولى ١٤٢٢
سنة النشر
٢٠٠١ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
التفسير
الخاصُّ، فهو دينُ مُحَمَّدٍ ﷺ.
ومُنذ بَعثَ اللَّه محمَّدًا ﷺ لم يقبلْ من أحدٍ دينًا غيرَ دينِهِ. وهوَ الإسلامُ الخاصُّ وجعل بقية الأديانِ كفرًا، لما تضمَّنَ اتباعُهَا من الكفرِ بدينِ محمدٍ والمعصيةِ للَّهِ في الأمرِ باتباعِه، فإنَّه ليسَ هناكَ إلا أحدُ أمرينِ:
إمَّا الاستسلامُ للَّهِ والانقيادُ لطاعتِهِ وأوامر، وهوَ دينُ الإسلامِ الذي أمرَ
اللَّهُ تعالَى بِهِ.
وإمَّا المعصيةُ للَّهِ والمخالفةُ لأوامر، وذلكَ يستلزمُ طاعةَ الشيطانِ " لأن
الشيطانَ يأمرُ بسلوكِ الطرقِ التي عن يمينِ الصراطِ وشمالِهِ، ويصدُّ عن سلوكِ
الصراطِ المستقيم، كَمَا قالَ تعالَى: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) .
قالَ تعالَى حاكِيًا عنِ الشيطانِ: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (١٧) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (١٨) .
وقالَ تعالَى: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٤٠) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (٤١) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) .
وصحَّ عن ابنِ مسعودٍ، أنَّه قالَ: إنَّ هذا الصراطَ مُحتضر، تحضرُهُ
الشياطينُ.
يا عبدَ اللَّهِ، هذا الطريقُ، هلُمَّ إلى الطريقِ، فاعتصِمُوا بحبلِ اللَّه، فإنَّ
1 / 78