416

روائع التفسير (الجامع لتفسير الإمام ابن رجب الحنبلي)

الناشر

دار العاصمة

الإصدار

الأولى ١٤٢٢

سنة النشر

٢٠٠١ م

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

التفسير
وحبِّ القرآنِ حبُّ النبيِّ ﷺ، وعلامةُ حبِّ النبيِّ ﷺ حبُّ السنَّةِ، وعلامةُ حبِّ السنةِ حبُّ الآخرةِ، ومن علامةِ حبِّ الآخرة بغضُ الدنيا، وعلامةُ
بغضِ الدنيا أن لا يأخذَ منها إلا زادًا يبلِّغُه إلى الآخرةَ.
* * *
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٥٤)
ففي هذه الآيةِ إشارة إلى أنَّ منْ أعرض عن حبِّنا، وتولَّى عن قربِنا، لم
نبالِ بهِ، واستبدلْنَا به من هوَ أوْلَى بهذهِ المنحةِ منه وأحقُّ، فمن أعْرَضَ عنِ
اللَّهِ، فما له منَ اللَّهِ بدَلًا، وللَّهِ منه أبدالٌ.
ما لي شُغل سواه ما لي شُغلُ. . . ما يَصرِفُ عن هواه قلبِي عذلُ
ما أصنعُ إن جَفا وخابَ الأملُ. . . منِّي بدل ومنه ما لي بدَلُ
وفي بعضِ الآثارِ: "يقولُ اللَّهُ ﷿: ابنَ آدمَ، اطلبنِي تجدْنِي، فإنْ وجدتَّني، وجدتَ كُلَّ شيء، وإن فُتُّكَ، فاتَكَ كلُّ شيء، وأنا أَحبُّ إليك من كلِّ شيء".
كان ذو النونِ يردِّدُ هذه الأبياتِ بالليلِ كثيرًا:
اطلبوا لأنفسِكُم. . . مثلَ ما وجدتُ أنا
قد وجدتُ لي سكنًا. . . ليس في هواه عَنَا
إنْ بَعدْتُ قَربنِي. . . أو قَرُبْتُ مِنْهُ دَنَا

1 / 439