171

روائع التفسير (الجامع لتفسير الإمام ابن رجب الحنبلي)

الناشر

دار العاصمة

رقم الإصدار

الأولى ١٤٢٢

سنة النشر

٢٠٠١ م

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

التفسير
يحسنَ التسترُ بصدقةِ الفرضِ، فقد كثر المانعُ لها، وصار إخراخها عُرضةً للرِّياءِ. وهذا الذي تخيَّله ابنُ عطيةَ ضعيف، فلو كانَ الرجلُ في مكانٍ يتركُ أهلُه الصلاةَ، فهل يُقال: إن الأفضلَ أنْ لا يُظهرَ صلاتَه المكتوبة؟!. وقال النَّقاشُ: إنَّ هذه الآيةَ نسخَها قولُهُ تعالى: (الَّذِينَ يُنفِقونَ أَموَالَهُم بِالَّليْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً) الآية. انتهى ما ذكرَهُ. ودعوى النسخ ضعيف جدًّا، وإنَّما معْنى هذه الآيةِ، كمَعْنى التِي قبلها: إنَّ النفقةَ تُقبلَ سرًّا، وعلانيةً. وحُكي عن المهدويِّ أنَّ قولَه تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِن اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ)، رخَّصتْ في صدقةِ الفرضِ، على أهلِ القراباتِ المشركين. قال ابنُ عطيةَ: وهذا عندي مردود. وحكي عن ابنِ المنذرِ نَقْلُ إجماع من يحفظُ: أنَّه لا يُعْطَى الذِمِّيُّ من صدقةِ المالِ شيئًا. قلتُ: رُوي عن ابنِ عمرَ أنَّه قال: في قولِهِ تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلفقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ): أن المساكينَ: أهلُ الكتابِ، وإسنادُهُ لا يثبتُ. وروى الثعلبيُّ بإسنادِهِ عن سعيدِ بنِ سُويدٍ الكلبيِّ يرفعُه، أنَّ النبيَّ ﷺ سئل عن الجهرِ بالقراءة، والإخفاءِ فقالَ -: هي كمنزلةِ الصدقةِ (إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تخْفوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لكُمْ) . وروى الثعلبيُّ في "تفسيره"، عن أبي جعفرٍ في قولِهِ تعالى: (إِن تُبْدُوا الضَدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) قال: هي الزكاةُ المفروضةُ، (وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لكُمْ)

1 / 194