روائع التفسير (الجامع لتفسير الإمام ابن رجب الحنبلي)

ابن رجب الحنبلي ت. 795 هجري
149

روائع التفسير (الجامع لتفسير الإمام ابن رجب الحنبلي)

الناشر

دار العاصمة

رقم الإصدار

الأولى ١٤٢٢

سنة النشر

٢٠٠١ م

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

التفسير
الاعتزال في البيوتِ والفرش كما كانوا يصنعونَ أوَّلًا، حتى نزل آخرُ الآيةِ: (فَأتُوهُنَّ مِنْ حَيْث أَمَرَكمُ اللَّهُ)، ففُهِم من ذلك أن اللَّهَ أمر باعتزالِهنَّ في الوطْءِ خاصةً. وفسَّر النبيُّ ﷺ ذلك بقولِهِ: "اصنعوا كلَّ شيءٍ غيرَ النِّكاح "، وبِفعْله مع أزواجِهِ؛ حيث كان يباشرهنَّ في المحيضِ. * * * قوله تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) [قال البخاريّ]: "بابُ: قول النبيِّ ﷺ "أنا أعلمُكُمْ باللَّهِ "، وأنَّ المعرفةَ فعْلُ القَلْبِ، لقوْلِهِ تعالى: (وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) . مرادُه بهذا التبويبِ: أن المعرفةَ بالقلبِ التي هي أصلُ الإيمانِ فعلٌ للعبدِ وكسبٌ له، واستدلَّ بقوله تعالى: (بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ)، فجعلَ للقلوبِ كسبًا، كما جعل للجوارح الظاهرةِ كسبًا. والمعرفةُ: هي مركبة من تصور وتصديقٍ، فهي تتضمنُ علمًا وعملًا، وهو تصديقُ القلبِ، فإن التصورَ قد يشتركُ فيه المؤمنُ والكافرُ. والتصديقُ يختصُّ به المؤمنُ، فهو عملُ قلبِهِ وكسبهُ. وأصلُ هذا: أن المعرفةَ مكتسبة، تُدركُ بالأدلةِ، وهذا قول أكثرِ أهلِ السنن من أصحابِنا وغيرِهِم، ورجَّحه ابنُ جريرٍ الطبريُّ.

1 / 172