روائع التفسير (الجامع لتفسير الإمام ابن رجب الحنبلي)

ابن رجب الحنبلي ت. 795 هجري
126

روائع التفسير (الجامع لتفسير الإمام ابن رجب الحنبلي)

الناشر

دار العاصمة

رقم الإصدار

الأولى ١٤٢٢

سنة النشر

٢٠٠١ م

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

التفسير
اللَّهِ، ولكنْ يعودونَ على أنفسِهِم بالكَسْبِ. ورَوَى الخَلاَّلُ بإسنادِه عن الفضيلِ بنِ عِياضٍ أنَّهُ قيلَ لهُ: لو أن رجلًا قعدَ في بيتِهِ زعمَ أنَّه يثقُ باللًّهِ، فيأتيِه برزقهِ، قالَ: إذا وثقَ باللَّهِ حتى يعلمَ منه أنَّه قدْ وثقَ به لم يمنعْهُ شيءٌ أرادَهُ، لكنْ لم يفعلْ هذا الأنبياءُ ولا غيرُهم، وقد كانَ الأنبياءُ يؤجَرون أنفسَهم، وكانَ النبيُّ ﷺ يؤجِّرُ نفْسَه وأبو بكرٍ وعمرُ، ولم يقولوا: نقعدُ حتَّى يرزقُنا اللَّهُ ﷿. وقالَ اللَّهُ ﷿: (وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللهِ)، ولا بُدَّ من طلبِ المعيشةِ. وقد رُوي عن بِشْرٍ ما يُشعرُ بخلافِ هذا، فرَوَى أبو نُعيمٍ في "الحلْيةِ" أنَّ بشرًا سُئلَ عن التوكُلِ، فقالَ: اضطرابٌ بلا سكونٍ، وسكونٌ بلا اضطرابٍ، فقالَ له السائلُ: فسِّره لنا حتى نفقهَ، قالَ بشرٌ: اضطرابٌ بلا سكونٍ: رجلٌ يضطربُ بجوارحِهِ، وقلبُه ساكنٌ إلى اللَّهِ لا إلى عملِهِ، وسكونٌ بلا اضطرابِ: فرجلٌ ساكنٌ إلى اللَّهِ بلا حركةٍ، وهذا عزيزٌ، وهوَ من صفاتِ الأبدالِ. * * * قوله تعالى: (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩) والاستغفارُ طلبُ المَغْفرةِ، والمغفرةُ هى وِقَايةُ شَرِّ الذنوبِ معَ سَترِهَا وقد كثرُ في القرآنِ ذكرُ الاستغفارِ، فتارةً يؤمرُ به، كقولِهِ: (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، وقولِهِ: (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إِليه) . وتارةً يمدحُ أهلَهُ، كقولِهِ: (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ) . وقوله:

1 / 149