روائع البيان تفسير آيات الأحكام
الناشر
مكتبة الغزالي - دمشق
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٠ هـ - ١٩٨٠ م
مكان النشر
مؤسسة مناهل العرفان - بيروت
تصانيف
وكرّر الاسم لئلا يتوهم إيّاك نعبد ونستعين غيرك.
اللطيفة العاشرة: نسبَ النعمة إلى الله ﷿ ﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ ولم ينسب الإضلال والغضب فلم يقل: (غضبت عليهم) وأضللتهم، وذلك جارٍ على طريق تعليم الأدب مع الله ﷿، حيث لا ينسب الشرّ إليه (أدبًا) وإن كان منه (تقديرًا) كما قال بعضهم: الخير كله بيديك، والشرّ ليس إليك.
فهو كقوله تعالى على لسان إبراهيم ﵇: ﴿الذي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ والذي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ [الشعراء: ٧٨ - ٨٠] فلم يقل: (وإذا أمرضني) أدبًا. وكقوله تعالى على لسان مؤمني الجن: ﴿وَأَنَّا لاَ ندري أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الأرض أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ [الجن: ١٠] فلم يقولوا: أشرّ أراد الله فتدبره فإنه دقيق.
الدقائق البيانية في سورة الفاتحة
قال أبو حيان في تفسيره «البحر المحيط»: «وقد انجرّ في غضون تفسير هذه السورة الكريمة من علم البيان فوائد كثيرة لا يهتدي إلى استخراجها إلاّ من كان توغّل في فهم لسان العرب، ورُزق الحظّ والوافر من علم الأدب، وكان عالمًا بافتتان الكلام، قادراص على إنشاء النثار البديع والنظام، وفي هذه السورة الكريمة من أنواع الفصاحة والبلاغة أنواع:
النوع الأول: حسنُ الافتتاح وبراعة المطلع، وناهيك حسنًا أن يكون مطلعها مفتتحًا باسم الله، والثناء عليه بما هو أهله من الصفات العليّة.
النوع الثاني: المبالغة في الثناء وذلك العموم (أل) في الحمد المفيد للاستغراق.
النوع الثالث: تلوين الخطاب في قوله: ﴿الحمد للَّهِ﴾ إذ صيغته الخبر
1 / 42