حلت بمكة حلة
في مشيها ووطائها
في رجال كثير انتزعوا منهم الظلامات، ولم يكن يظلم بمكة إلا رجال أقوياء ولهم العدد والعارضة، منهم من ذكرنا قصته.
قال أبو عثمان: ولهاشم أخرى لا يعد أحد مثلها ولا يأتي بما يتعلق بها. وذلك أن رؤساء قبائل قريش خرجوا إلى حرب بني عامر متساندين، فكان حرب بن أمية على بني عبد شمس، وكان الزبير بن عبد المطلب على بني هاشم، وكان عبد الله بن جدعان على بني تيم، وكان هشام بن المغيرة على بني مخزوم. وكان على كل قبيلة رئيس منها، فهم متكافئون في التساند ولم يحقق واحد منهم الرئاسة على الجميع. ثم آب هاشم بما لا تبلغه يد متناول ولا يطمع فيه طامع؛ وذلك أن النبي
صلى الله عليه وسلم
قال: «شهدت الفجار وأنا غلام فكنت أنبل فيه على عمومتي.» فنفى مقامه عليه الصلاة والسلام أن تكون قريش هي التي فجرت، فسميت تلك الحرب «حرب الفجار»، وثبت أن الفجور إنما كان ممن حاربهم. وصاروا بيمنه وبركته ولما يريد الله من إعزاز أمره وإعظام الغالبين العالين. ولم يكن الله ليشهده فجرة ولا غدرة! فصار مشهده نصرا وموضعه فيها حجة ودليلا.
قال أبو عثمان: وشرف هاشم متصل، من حيث عددت كان الشرف معه كابرا عن كابر. وليس بنو عبد شمس كذلك، فإن الحكم بن أبي العاص كان عاريا في الإسلام ولم يكن له سناء في الجاهلية. وأما أمية فلم يكن في نفسه هناك، وإنما رفعه أبوه، وكان مضعوفا وكان صاحب عهار، يدل على ذلك قول نفيل بن عدي جد عمر بن الخطاب حين تنافر إليه حرب بن أمية وعبد المطلب بن هاشم، فنفر عبد المطلب وتعجب من إقدام حرب عليه وقال له:
أبوك معاهر وأبوه عف
وذاد الفيل عن بلد حرام
وذلك أن أمية كان تعرض لامرأة من بني زهرة فضربه رجل منهم بالسيف، فأراد بنو أمية ومن تبعهم إخراج بني زهرة من مكة، فقام دونهم قيس بن عدي السهمي، وكانوا أخواله، وكان منيع الجانب شديد العارضة حمي الأنف أبي النفس، فقام دونهم وصاح: «أصبح ليل.» فذهبت مثلا. ونادى: «الآن الظاعن مقيم.» وفي هذه القصة يقول وهب بن عبد مناف بن زهرة:
صفحة غير معروفة