وهذا الجواب يكفيك عما تقدم من السؤالات؛ فكل ما كان يفعل عند القبور من التعظيم لها ولأربابها، وقصدها، والتبرك بها، والدعاء عندها أو لها، كل هذا شرك وضلال.
فتأمل قوله عن خليله ﵇: ﴿يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ ١، والحنيف هو المقبل على الله، المعرض عن كل ما سواه.
فهذه الأدلة التي ذكرنا تبطل كل ما تعلق به المشركون مما كانوا يفعلونه مع العزى ومناة، ومن ادعى جواز شيء من ذلك، أو أنه يحتمل الجواز، فيطالب بالدليل من كتاب الله وسنة رسوله على أن هذا جائز. ولا يخفى أنه ينافي الإخلاص لما فيه من الإقبال على غير الله، والرغبة إليه، وجلب النفع والدفع منه، وكل هذا مردود بالآيات المحكمات، والأحاديث الصحيحة كما ثبت عنه ﷺ في الحديث الصحيح أنه قال: " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله" ٢. وكل ما كان يفعل هؤلاء مع الأموات، فليس فيه مستحب ولا مباح، إلا زيارة القبور من غير شد رحل لتذكر الآخرة، والاستعداد لما بعد الموت من الإخلاص، والعمل المشروع من غير تحر لإجابة الدعاء عندها. والصلاة إليها ولو كانت لله، فهذا محرم، سدا لذريعة الشرك، وحماية لجناب التوحيد.
عصمة الأنبياء
وأما قولهم في عصمة الأنبياء، فالذي عليه المحققون أنه قد تقع منهم الصغائر، لكن لا يقرون عليها؛ وأما الكبائر فلا تقع منهم. وكل ما قال رسول الله –ﷺ مما ثبت عنه فهو حق، كما قال –تعالى-: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ ٣، كذلك تقريراته حق.
_________
١ سورة الأنعام آية: ٧٨.
٢ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٤٥)، وأحمد (١/٢٣،١/٢٤) .
٣ سورة النجم آية: ٣.
1 / 45