شد الرحال إلى مكانات مشرفة للأنبياء والأولياء
وأما ما سألت عنه من شد الرحال إلى مكانات مشرفة للأنبياء والأولياء، هل ممنوع ومحذور، أم لا.
فالجواب: لا ريب أن هذا مما نهى عنه رسول الله ﷺ في الحديث الذي تقدم، وهو قوله: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد" ١، فإذا كان تبرك للمحل المزور فهو من الشرك، لأنهم قصدوا بذلك تعظيم المزور كقصد النبي ﷺ أو الولي لتعود بركته عليه بزعمهم.
وهذه حال عباد الأصنام، سواء كما فعله المشركون باللات والعزى ومناة، فإنهم يقصدونها لحصول البركة بزيارتهم وإتيانهم إليها، وفي الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي واقد الليثي قال: "خرجنا مع رسول الله ﷺ إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواط. فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله-ﷺ: الله أكبر، إنها السنن. قلتم، والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون. لتركبن سنن من كان قبلكم"، فجعل التبرك بالأشجار مثل قول بني إسرائيل: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا﴾ ٢؛ وهذا هو جنس عبادة الأشجار والأحجار.
وأما قول بعضهم: إن أمور التعظيمات خصصه الله -تعالى- للذات وسماه بالعبادة كالسجود والركوع، والقيام كقيام الصلاة، والتصدق بالصدقات والصيام باسمه، وقصد السفر إلى بيته من المكانات البعيدات، فهذا من وحي الشيطان وزخرفته التي ألقاها على ألسن المشركين، فجمع لهم الشرك، وتعظيمه، والغلو فيه، والبدع والضلالات. وكل هذا باطل
_________
١ أحمد (٦/٧) .
٢ سورة الأعراف آية: ١٣٨.
1 / 41