وعرفوا الإخلاص فالتزموه. وبالله التوفيق، فسبحان من غرس التوحيد في قلب من شاء من خلقه، وأضل من شاء عنه بعلمه وحكمته وعدله!!.
وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو فرض باليد واللسان والقلب مع القدرة: فأما فرضه باليد واللسان فإنه من فروض الكفايات؛ إذا قام به طائفة سقط عن الباقين، وإن تركوه كلهم أثموا. وأما القلب فلا يسقط عنه بحال، قال الله -تعالى-: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ١، وقال في حق من تركه: ﴿كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ ٢. وفي الحديث الصحيح: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" ٣ وفي رواية: "وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل" ٤.
وأما ما ذكرت بعد ذلك من الأسئلة في مخالطة المشركين، وأهل البدع فإن كان لك قدرة على الهجرة عنهم وجبت عليك، لما فيها من حفظ الدين ومفارقة المشركين والبعد عنهم. وأما من كان من المستضعفين الذين لا قدرة لهم على الهجرة، فعليه أن يعتزلهم ما استطاع، ويظهر دينه، ويصبر على أذاهم، فقد قال -تعالى-: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ﴾ ٥ الآية، والله المستعان.
وأما السؤال عن قوله -تعالى-: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالأِيمَانِ﴾ ٦ فالآية نزلت في شأن عمار بن ياسر لما عذبه مشركو مكة، وحبسوه في بئر ميمون، وأكرهوه على كلمة كفر، فقالها تخلصا
_________
١ سورة آل عمران آية: ١٠٤.
٢ سورة المائدة آية: ٧٩.
٣ مسلم: الإيمان (٤٩)، والترمذي: الفتن (٢١٧٢)، والنسائي: الإيمان وشرائعه (٥٠٠٨،٥٠٠٩)، وأبو داود: الصلاة (١١٤٠)، وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٢٧٥) والفتن (٤٠١٣)، وأحمد (٣/١٠،٣/٢٠،٣/٤٩،٣/٥٢،٣/٥٤،٣/٩٢) .
٤ مسلم: الإيمان (٥٠) .
٥ سورة العنكبوت آية: ١٠.
٦ سورة النحل آية: ١٠٦.
1 / 31