(الأمر الثاني): تضمنت معارضتهم قبول الشرك الأكبر ونصرته، وهو الذي أرسل الله رسله، وأنزل كتبه بالنهي عنه، وقد خالفوا جميع الرسل والكتب؛ فهم في الحقيقة قد أنكروا على من دان بهذا التوحيد، ودعا إليه من الأولين والآخرين.
(الأمر الثالث): وقد تضمنت معارضتهم أيضا مسبة من دعا إلى التوحيد، وأنكر الشرك أسوة أعداء الرسل كقوم نوح إذ قالوا: ﴿إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ ١، وقال قوم هود: ﴿إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ ٢ وقول من قال من مشركي العرب للنبي محمد ﷺ ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا﴾ ٣.
فالظلم والزور في كلام هؤلاء المنكرين للتوحيد أمر ظاهر يعرفه كل عاقل منصف، فقد تناولت مسبتهم كل من دعا إلى الإسلام، وعمل به من الأولين والآخرين؛ كما أن من كذب رسولا بما جاء به من الحق فقد كذب المرسلين كما ذكره الله -تعالى- في قصص الأنبياء، فمن أنكر ما جاءت به الرسل فهو عدو لهم.
(الأمر الرابع): وتضمنت معارضتهم -أيضا- الكذب والإفك والبهتان وزخرف القول في ذلك أسوة أعداء الرسل الذين قال الله فيهم: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ ٤. فهذه حال كل داعية إلى الشرك بالله في عبادته من الأولين والآخرين، فإذا تأمل اللبيب ما زخرفوه، وأتوا به من الفشر والأكاذيب، وجدها كما قال -تعالى-: ﴿سَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ ٥.
(الأمر الخامس): معارضة أولئك للآيات المحكمات البينات التي
_________
١ سورة الأعراف آية: ٦٠.
٢ سورة الأعراف آية: ٦٦.
٣ سورة الفرقان آية: ٤.
٤ سورة الأنعام آية: ١١٢.
٥ سورة النور آية: ٣٩.
1 / 26