تُرْجَعُونَ وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾ ١.
الشرك في هذه الأمة كسائر الأمم
فالشرك في العبادة هو الذي عمت به البلوى في الناس قديما وحديثا كما قال -تعالى-: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ﴾ ٢، وقد أخبر النبي ﷺ أن هذه الأمة تأخذ مأخذ القرون قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع. ولهذا أنكر كثير من أعداء الرسل في هذه الأزمنة وقبلها على من دعاهم إلى إخلاص العبادة لله وحده، وجحدوا ما جحدته الأمم المكذبة من التوحيد، واقتدوا بمن سلف من أعداء الرسل في مسبتهم من دعاهم إلى إخلاص العبادة لله ونسبته إلى الخطأ والضلال، كما رأينا ذلك في كلام كثير منهم كابن كمال المشهور بالشرك والضلال، وقد كمل في جهله وضلاله وأتى في كلامه بأمحل المحال، وقد اشتهر عنه بأخبار الثقات أنه يقول: عبد القادر في قبره يسمع، ومع سمعه ينفع، وما يشعره أنه في قبره الآن رفات كحال الأموات. وهذا قول شنيع، وشرك فظيع، ألا ترى أن الحي الذي قد كملت قوته، وصحت حاسة سمعه وبصره، لو ينادى من مسافة فرسخ أو فرسخين لم يمكنه سماع نداء من ناداه، فكيف يسمع ميت من مسافة شهر، أو شهرين، أو دون ذلك، أو أكثر، وقد ذهبت قوته، وفارقته روحه، وبطلت حواسه؟!
هذا من أعظم ما تحيله العقول، وتنكره الفطر، وفي كتاب الله ﷿ ما يبطله؛ قال الله–تعالى-: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ ٣ فأخبر الخبير –جل وعلا- أن سماعهم ممتنع،
_________
١ سورة العنكبوت آية: ١٦.
٢ سورة الروم آية: ٤٢.
٣ سورة فاطر آية: ١٣.
1 / 22