رسائل وفتاوى الشيخ عبد الرحمن ابن شيخ الإسلام محمد عبد الوهاب
بسم الله الرحمن الرحيم
الرسالة الأولى الطاعة سبب الخير والمعصية سبب الشر
من عبد الرحمن بن حسن إلى الإمام الأكرم فيصل بن تركي، سلمه الله وهداه، آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(وبعد):
فالواجب علينا وعليكم التناصح في دين الله، والتذكير بنعم الله وأيامه، فإن في ذلك من المصالح الخاصة والعامة ما لا يحيط به إلا الله، وفي الحديث: "ما نزل بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة".
ولله حق وعبودية على خلقه بحسب وسعهم وقدرتهم، ولذلك كان على ولاة الأمور، ورؤساء الناس المطاعين فيهم ما ليس على عامتهم وسوقتهم. وكل خير في الدنيا والآخرة إنما حصل بمتابعة الرسل وقبول ما جاؤوا به.
كل شر في الدنيا والآخرة إنما حدث ووقع بمعصية الله ورسله، والخروج عما جاؤوا به من النور والهدى، وهذه الجملة شرحها يطول وتفاصيلها لا يعلمها إلا الله الذي ﴿لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ ١. والسير والاعتبار، والاستقراء، والقصص، والأمثال، والشواهد النقلية والعقلية تدل على هذا، وترشد إليه، وبعض الأذكياء يعرف ذلك في نفسه وأهله وولده ودابته، قال بعضهم: إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق أهلي ودابتي.
واللبيب يدرك من الأمور الجزئية والكلية ما لا يدركه الغبي الجاهل، ويكفي المؤمن قوله -تعالى-: ﴿إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾ ٢، فهذه الآية يدخل فيها كل نعيم باطنا وظاهرا في الدنيا والآخرة، وفي البرزخ.
وقد قال -تعالى-: ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ
_________
١ سورة سبأ آية: ٣.
٢ سورة الانفطار آية: ١٣.
1 / 2