عين كفاع
28 / 8 / 1937
سيدي، صاحب الفخامة المعظم
بعد تقديم أسمى الاحترام، أعرض:
عشرون قرية أو أكثر من وسوط بلاد جبيل وساحله الشمالي تشكو العطش، ولا تجد للسقيا غير ماء الشتاء الملوث غالبا. تسمع قرانا بمشاريع الري، وتدفق اعتماداتها هنا وهنالك، وهي محرومة حتى من إرواء الغليل؛ ففي كسروان مشروع نبع العسل، وفي بلاد البترون مشروع نهر الجوز، وشطنا البحري له مياه نهر إبراهيم، إلا هذه البقعة المسكينة التي نعيش كما عاش جدودكم فيها، فإنها تشكو العطش وليس من يرحمها، فحالها كما قال الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ
والماء فوق ظهورها محمول!
أجل، هذه هي حالنا؛ فجردنا ريان، وساحلنا عطشان! وكان لنا أمل بنبع يخرج من أسفل جبل ميفوق يسمى نبع قطرة، وقرانا: بجة، الخاربة، عين كفاع، غبالين، معاد، غرزوز، بخعاز، شيخان، المنصف، الحلوة، البربارة، كفر كدة، شموت، جدايل، الريحانة، حصرايل، كور الهدى، الرومية، غلبون، شامات، حصارات، حبالين، الكفر، كفون، غرفين، عمشيت، تنتظر جر مياهه إليها لتشرب.
قد طالبنا بذلك، في عهود مضت، فكان الجواب المثل المشهور: «أسقيك بالوعد يا كمون.» ومنذ أيام - إن صح ما شاع - تحطم هذا الأمل الذي عشنا به زمنا؛ إذ سمعنا أن الرهبانية اللبنانية تدعي ملكية نبع قطرة؛ لأنه انبثق منذ بضعة عشر عاما من كعب أرضها.
ليس، يا سيدي، للرهبان أقل حق في هذا النبع لتدعي ملكيته وتتصرف به تصرف المالك، وتعزم على جر مياهه إلى دير كفيفان. إنها إذا قدرت - ولا تقدر ما دام في الدنيا عدل - تخالف كثيرا من النواميس الطبيعية والعرفية: (1)
صفحة غير معروفة