أعتقد أن العادة تذهب اليوم إلى تسمية روح التدقيق والبرهنة بالروح الهندسية. (46)
ويسهل احتمال الموت من غير أن يفكر فيه أكثر من فكرة الموت بلا خطر.
لا يمكن أن يقال أن الإنسان يحتمل الموت بسهولة أو بصعوبة إذا لم يفكر فيه قط، فالذي لا يحس شيئا لا يحتمل شيئا. (47)
ونفترض أن جميع الناس يدركون، ويحسون، على نمط واحد، ما يظهر لهم من الأشياء، ولكننا نفترض هذا بلا داع؛ وذلك لأنه لا يوجد لدينا أي دليل على ذلك، وأرى جيدا أن عين الكلمات تطبق على عين الأحوال، فإذا ما رأى رجلان الثلج مثلا عبر كل واحد منهما عن منظر عين الشيء بعين الكلمات، وذلك بأن يقول هذا وذاك إنه أبيض. فمن هذا الاتفاق في التطبيق يستنبط افتراض قوي لاتفاق الفكر، بيد أن هذا ليس مقنعا على الإطلاق، وإن وجد مجال للرهان على الناحية الإيجابية.
وليس اللون الأبيض ما كان يجب أن يؤتى به برهانا، فالأبيض الذي هو اجتماع جميع الأشعة، يبدو ساطعا لجميع الناس، وهو يبهر بعض الشيء على مر الأيام، ويكون له ذات الأثر في جميع العيون، ولكن من الممكن أن يقال إن من المحتمل ألا تدرك الألوان الأخرى من قبل جميع العيون على ذات الوجه. (48)
يقنع جميع عقلنا بالإذعان للإحساس.
فعقلنا يقنع بالإذعان للإحساس من ناحية الذوق، لا من ناحية العقل. (49)
والذين يحكمون في أمر كتاب وفق قاعدة يكونون تجاه الآخرين كالذين لديهم ساعة تجاه من ليست لديهم ساعة مطلقا، فأحدهم يقول: «مضت على وجودنا هنا ساعتان.» ويقول الآخر: «لم يمض غير ثلاثة أرباع الساعة.» وأنظر إلى ساعتي، فأقول لأحدهما: «أنت تسأم»، وأقول للآخر: لا يجري الزمن عندك مطلقا.
فالذوق في آثار الذوق، كالموسيقا والشعر والتصوير، هو الذي يقوم مقام الساعة، والذي لا يحكم فيها بغير القواعد يكون حكمه سيئا. (50)
ويلوح لي أن قيصر كان من الكبر ما لا يذهب ليتلهى معه بفتح العالم، فألهوة مثل هذه كانت صالحة للإسكندر الذي كان من الشباب ما يصعب معه صرفه عن قصده، وقد كان قيصرا أكثر رشدا.
صفحة غير معروفة