وأبى آدم ومكر بحواء، بأن " قال لها: فاعصري في كفي شيئا منه، فأبت [عليه]، فقال: ذريني أمصه ولا آكله، فأخذت عنقودا من عنب فأعطته فمصه ولم يأكل منه، لما كانت حواء قد أكدت عليه، فلما ذهب يعضه جذبته من فيه (1)، فأوحى الله تعالى إلى آدم [أن] العنب قد مصه [عدوي وعدوك] إبليس، وقد حرمت عليك من عصيرة الخمر ما خالطه نفس إبليس، فحرم (2) الخمر لأن إبليس - لعنه الله - مكر بحواء حتى مص العنب، ولو أكلها لحرمت الكرمة من أولها إلى آخرها... ثم إنه قال - لعنه الله - لحواء: لو أمصصتني شيئا من هذا التمر كما أمصصتني من العنب، فأعطته تمرة فمصها، وكانت العنب والتمرة أشد رائحة من المسك، وأحلى من العسل، فلما مصهما إبليس ذهبت رائحتهما وانتقصت حلاوتهما، قال [أبو عبد الله] (عليه السلام): ثم إن إبليس ذهب بعد وفاة آدم (عليه السلام) فبال في أصل الكرمة والنخلة، فجرى الماء في عروقهما من بوله، فمن ثم يختمر العنب والتمر، فحرم الله على ذرية آدم كل مسكر، لأن الماء جرى ببول عدو الله في النخل والعنب، فصار كل مختمر خمرا، لأن الماء اختمر في النخلة والكرمة من رائحة بول عدو الله تعالى " (3).
فالمراد من الخمر في قوله: " وقد حرمت عليك من عصيرة الخمر " هو الغالي من العصير، ولما [ي] ذهب ثلثاه، كما يظهر من ملاحظة الأخبار الواردة في هذا الباب. ومراد الكليني (رحمه الله) من العنوان هو هذا، كما لا يخفى، موافقا لما ذكره الصدوق (رحمه الله) في باب حد شرب الخمر من (أن أصل الخمر من الكرم إذا أصابته
صفحة ٧٥