ما يستفاد من صحيحة ابن أبي يعفور فإن الستر والعفاف والكف قد وقع مجموعها المشتمل على الصفة النفسانية معرفا للعدالة، فلا يجوز أن يكون أخص منها، بل لا بد من مساواته، وقد يكون أعم إذا كان من المعرفات الجعلية، كما جعل عليه السلام في هذه الصحيحة الدليل على هذه الأمور كون الشخص ساترا لعيوبه.
ودعوى أن ظاهر السؤال وقوعه عن الأمارة المعرفة للعدالة بعد معرفة مفهومها تفصيلا، والصفات المذكورة ليست أمارة بل - هي على هذا القول - عينها، فيدور الأمر بين حمل السؤال على وقوعه عن المعرف المنطقي لمفهومها بعد العلم إجمالا - وهو خلاف ظاهر السؤال -، وبين خلاف ظاهر آخر، وهو حمل الصفات المذكورة على مجرد ملكاتها، فتكون ملكاتها معرفة وطريقا للعدالة، وحينئذ فلا تصح أن يراد بها إلا نفس اجتناب الكبائر المسبب عن ملكة العفاف والكف، وهو القول الثاني مدفوعة، أولا: ببعد إرادة مجرد الملكة من الصفات المذكورة، بخلاف إرادة المعرف المنطقي الشارح لمفهوم العدالة، فإنه غير بعيد، خصوصا بملاحظة أن طريقية ملكة ترك المعاصي لتركها ليست أمرا مجهولا عند العقلاء محتاجا إلى السؤال، وخصوصا بملاحظة قوله فيما بعد: (والدليل على ذلك كله أن يكون
صفحة ١٢