رسائل في اللغة (رسائل ابن السيد البطليوسي)
محقق
د. وليد محمد السراقبي
الناشر
مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م.
مكان النشر
الرياض
تصانيف
الأدب
(فصل)
وأما المجاز الثالث في قولنا: ضرب زيد عمرًا؛ فهو أن الضرب لم يقع بجميع أجزاء عمرو، وإنما وقع ببعضه فنسب الفعل إلى جملته. ويدلك على ذلك تأكيدهم إياه بما يرفع المجاز عنه، وهو ما حكاه سيبويه من قولهم: ضرب زيد ظهره وبطنه، وضرب زيد الظهر والبطن. وهذا النوع الثالث من المجاز أيضًا مستمر في جميع المفعولات، فإن الفعل إذا وقع عليها جاز أن يستوعب جميعها، وجاز أن يختص بعضها. ألا ترى أنك تقول: أكلت الخبز وشربت الماء وقد علم أنك لم تستوعب كل نوع الخبز بالأكل ولا جميع نوع الماء بالشرب. وقد يقع مثل هذا في ظروف// تقول: صمت اليوم، وخرجت اليوم، فتجعل (اليوم) ظرفًا للصيام والخروج، والصيام قد استوعب جميع ساعات اليوم، والخروج لم يستوعبها؛ لأنه إنما وقع في بعض النهار.
(فصل)
وأما المجاز الرابع في قولنا: ضرب زيد عمرًا، فقولنا: إن زيدًا فاعلٌ بـ (ضرب)، ولسنا نريد بالفاعل في صناعة النحو أن يكون محدثًا للفعل ومخترعًا له كما ذكرنا فيما تقدم، وإنما نريد أن الفعل يسند إليه ويحدث به عنه سواء أخترعه أو لم يخترعه، فلذلك نقول: مات زيد، ومرض عمرو، ولم يقم أخوك.
(فصل)
وأما المجاز الخامس؛ فقولنا: إن عمرًا مفعول لـ (زيد) وليس بمفعول له في الحقيقة؛ لأن (زيدًا) لم يفعل (عمرًا) ولا أحدثه، وإنما فعل فعلًا أوقعه به، ولذلك سمي مفعولًا به ولم يسم مفعولًا على الإطلاق، فهذا ما في المسألة من المجاز الذي سألت عنه، وفيها أيضًا ما يشبه هذا وإن لم يكن مثله، ونحن نذكره في الفصل الذي يلي هذا، إن شاء الله.
1 / 170