رسائل في اللغة (رسائل ابن السيد البطليوسي)
محقق
د. وليد محمد السراقبي
الناشر
مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م.
مكان النشر
الرياض
تصانيف
الأدب
مئة إبله، وخز ثوبه. وقد جاء منها ما يعمل في التمييز، نحو: خمسة عشر درهمًا، وهذا إنما جاء في غير الأعلام؛ لأنها ضارعت الصفات بما فيها من التنكير والعموم. فأما الأعلام فلم يأت منه شي يرفع ولا ينصب، ولو كان ما توهمه هشام صحيحًا لجاز لجميع الأسماء أن يعمل إذا كان فاعلًا من طريق المعنى، وذلك غير جائزٍ باتفاق. وهذا الذي ذكرناه مما يدل على أن الأشياء عند النحويين ليست على موضعها عند أهل النظر من المتكلمين، وأن لكل صناعة سبيلًا يجب ألا يتعداها من أراد تعلم تلك الصناعة، وإلا فسدت عليه المعاني بإدخاله في تلك الصناعة ما ليس منها. ألا ترى أن النحويين قد جعلوا في هذا الذي ذكرناه الأفعال أصلًا والأسماء فرعًا محمولًا عليه، وذلك بعكس ما عليه الأمر في الحقيقة. وقد رد أبو علي الفسوي قول هشام بأن قال: «الدليل على أن انتصاب (عمرو) من قولنا: (ضرب زيد عمرًا) بالفعل أن المفعول يختلف في تصرفه بحسب الفعل؛ فإذا كان الفعل متصرفًا تصرف المفعول، وإذا لم يكن الفعل متصرفًا لم يتصرف المفعول. فلو كان انتصابه بالفاعل _كما قال هشام_ لم يختلف بحسب اختلاف الفعل، وكان يكون في جميع المواضع على وجه واحد». قال أبو علي: «ولو كان العامل فيه الفاعل لوجب أن يعمل فيه غير مسند إليه الفعل [وقد كان العامل فيه] قال أبو علي: «فإن قال هشام إنما يعمل فيه إذا كان بهذا الوصف، قيل له: فأجز أن تنصب بالابتداء، نحو: زيد ذاهب عمرًا؛ لأنه مثل الفاعل في أنه يحدث عنه، // [فإذا لم يجز انتصابه بالمبتدأ مع أنه يحدث عنه] كما يحدث عن الفاعل دل على أنه لا يجوز انتصابه بالفاعل.
1 / 165