بأظافره وأنيابه، وهي تنتفض يائسة هالكة؟ إن تكن رأيته فذلك ذئب رحيم لو أنت كنت عاشقا فرجعت لك من تهواها مما تحب إلى ما تكره فرأيت البغض وما يصنع بقلبك، إنما الذئب ناب وظفر وسورة وحش
12
يعتري أكيلته فيسطو بها فيذهلها عن نفسها، ثم لا يزيد بعد ذلك على طبيب جاهل في «عملية جراحية» ... أما البغض فذئب الدم؛ يساورك سورة الحمى فإذا هو شعلة طائرة في عروقك لا تدع منك موضعا إلا مسته، ولا تمس منك موضعا إلا نقعت فيه
13
مثل ناب الأفعى من وهج الحب وسمه وغيظه وألمه، فما تدري في أي ناحية عذابك من هذا البغض ولا من أي الآلام هو؟
ولن تظهر قدرة الجمال وما فيه من القوة الأزلية إلا إذا حملك على بغضه بعد أن يحملك على حبه فيقتلك مرتين كل مرة بسلاح، وكل مرة على أسلوب، وكل مرة بنوع من الألم، وذلك ضرب من العذاب لا تملكه قوة في الأرض لا في الملوك ولا في الجبابرة، ولكن تملكه بعض النساء الضعيفات، ويعذبن به حتى الملوك والجبابرة.
مهما يبلغ الألم في عذاب إنسان فلن يجاوز حالة معينة، ثم يغمى على المتألم ويستريح ولو دقت في عظامه المسامير؛ كالماء مهما توقد عليه فلن يعدو درجة معروفة في غليانه ثم يثبت عندها ولو أضرمت عليه من النار التي وقودها الناس والحجارة، غير أن ألم الحب الشديد حين يكرهك على بغضه نوع منفرد في كل آلام بني آدم كانفراد «ذئب الدم» في جميع ما خلق الله من المعاني الوحشية. •••
لم أر وصفا كهذا أفظع ولا أبعث على الرعب؛ لأنه إنما هو موصوفه ... فسأخفف عليك فيما يلي هذه الرسالة، ولا أذكر لك ثمت إلا ما يكون كوصف الجنة تزخرفت له ما بين خوافق السموات والأرض،
14
ولكن دعني أقل لك إني أبغض من أحبها، على أنك لو رأيتها لرأيت نفسها تلوح في وجهها، جميلة كجماله رقيقة كرقته محبوبة كحبه، ولكني مع ذلك أبغضها والله بغض المحرور لما يتلذع
صفحة غير معروفة