بل نرجع إلى إجماعهم في كل حكم لم نستفده بظاهر الكتاب، ولا بالنقل المتواتر الموجب للعلم عن الرسول أو الإمام عليه السلام، سواء ورد بذلك خبر معين أو لم يرد، وسواء تقابلت فيه الروايات أو لم تتقابل، لأن العمل بخبر الواحد المجرد ليس بحجة عندهم على وجه من الوجوه، انفرد من معارض أو قابله غيره على سبيل التعارض.
فأما ما مضى في الفصل من ذكر طرف المشارق والمغارب والسهول والوعور، وأن ذلك إذا تعذر لم يقع الثقة بعموم المذهب بكل واحد من الفرقة. فقد مضى الجواب عنه مستوفى مستقصى، وبينا أن العلم بذلك حاصل ثابت بالمشافهة والتواتر، وإن [لم] تجب البلاد وتعرف كل نسألها.
فأما التقسيم الذي ذكر أنه لا يخلو القائل بأن الفرقة أجمعت، من أن يريد كل متدين بالإمامة ومعتقد لها، أو يريد البعض ، وتعاطي إفساد القسم الأول بما تقدم ذكره.
والكلام على الثاني بالمطالبة بالدليل المميز لذلك البعض من غيرهم، والحجة الموجبة لكون الحق فيه، ثم بإقامة الدلالة على أن قول الإمام المعصوم الذي هو الحجة على الحقيقة في جملة أقوال ذلك البعض دون (1) ما عداهم من أهل المذاهب.
فالكلام عليه أيضا مستفاد بما تقدم بيانه وإيرادنا له، غير أنا نقول: ليس المشار بالاجماع الذي نقطع على أن الحجة فيه إلى إجماع العامة والخاصة والعلماء والجهال. وإنما المشار بذلك إلى إجماع العلماء الذين لهم في الأحكام الشرعية أقوال مضبوطة معروفة، فأما من لا قول له فيما ذكرناه - ولعله لا يخطر بباله - أي إجماع له يعتبر.
صفحة ١٧