وأما اليواقيت فأحجار صلبة حارة يابسة شديدة اليبس رزينة صافية شفافة مختلفة الألوان بين أحمر وأصفر وأخضر وأزرق، وأصلها كلها ماء عذب وقف في معادنها بين الأحجار الصلدة والصخور والصفوان زمانا طويلا، فغلظ وصفا وثقل وأنضجته حرارة المعدن لطول وقوفه، فاتحدت أجزاؤه وصارت صلبة لا تذوب في النار البتة لقلة دهنيته، ولا تفرغ لغلظ رطوبته، بل يزداد حسن لونه، وخاصة الأحمر منه لا تعمل فيه المبارد لشدة صلابته ويبسه إلا الماس والسباذج بالحك في الماء ومعدنه في البلاد الجنوبية تحت خط الاستواء وهو قليل الوجود عزيز كثير الثمن لقلة وجوده.
ومن منافعه أن من تختم بشيء منه وكان في بلدة قد أصاب أهلها الوباء والطاعون سلم منها بإذن الله - تعالى - ونبل في أعين الناس، وسهل عليه قضاء حوائجه وأمور معائشه.
وأمر الزمرد والزبرجد فهما حجران يابسان باردان جنسهما واحد موجودان في معادن الذهب وخيرهما وأجودهما أشدهما خضرة وصفاء وشفافا، ومن أكثر النظر إلى الزبرجد ذهب عن بصره الكلال، ومن تقلد منه أو تختم به سلم من الصرع، والدهنج عدو للزبرجد، ويشبهه في النظر، وإذا وضع معه في موضع واحد كسره وكدر لونه وذهب بنضارته.
وأما الدر فقد تقدم ذكره وهيئة تكوينه، وأما خاصيته فإنه ينفع في خفقان القلب من الخوف والجزع الذي يكون من مرة السوداء؛ لأنه يطري دم القلب ويدخل في أدوية العين ويشد أعصاب العين، وإن حك وطلي به بياض البرص أذهبه، وإن سقي ذلك الماء من كان به صرع أسكنه .
وأما الفضة فإنها أقرب الجواهر الذائبة إلى الذهب، وهي باردة لينة معتدلة حتى تكاد تكون ذهبا، لولا أنه غلب عليها البرد في معدنها قبل النضج، وهي في قسمة القمر، فإذا طرح عليها المس أو الرصاص عند السبك امتزجت بهما، وإذا خلصت منهما تخلصت ويسودها الكبريت ويكسرها الزئبق، ويحسن لونها البورق ويعين على سبكها، ويدفع عنها إحراق النار، وإذا سحقت وأدخلت في الأدوية المشروبة نفعت من الرطوبات اللزجة، وهي تحترق بالنار إذا ألحت عليها وتبلى في التراب بطول الزمان.
وأما النحاس فهو جرم حار يابس مفرط فيه، وهو قريب من الفضة، ليس بينهما تباين إلا في الحمرة واليبس؛ وذلك أن الفضة بيضاء لينة والنحاس أحمر يابس كثير الوسخ، فحمرته من شدة حرارة كبريته ويبسه ووسخه لغلظه، فمن قدر على تبييضه وتليينه أو تصغير الفضة وتليينها، فقد ظفر بحاجته، والنحاس إذا أدني من الحموضات أخرج زنجارا، والزنجار سم، وإن طلي النحاس بالزئبق أرخاه وكسره، وإن سبك النحاس وطرح عليه زجاج شامي وطرح بحرارته في الماء خرج لونه مثل لون الذهب، وإذا أدني من النار اسود؛ لأن النار هي كالقاضي بين الجواهر المعدنية يفصل بينها بالحق، ومن أدمن الأكل والشرب في أواني النحاس أفسد مزاجه وعرضت له أعراض كثيرة شديدة، فإذا أدنيت أواني النحاس من السمك شم لها رائحة منتنة، وإن كبت آنية النحاس على سمك مشوي أو مطبوخ بحرارتها صار سما قاتلا.
وأما الطاليقوني فهو جنس من النحاس طرحت عليه أدوية حتى صار صلبا، فإن اتخذ منه سكين أو سلاح وجرح به حيوان أضر به مضرة مفرطة، وإن اتخذ منه شص لصيد السمك وتعلق به لم يمكنه الخلاص، وإن صغر الشص وعظم الحوت، ومن أصابه وجع اللقوة فدخل بيتا لا يرى فيه الضوء ونظر إلى مرآة طاليقون برأ من اللقوة بإذن الله - تعالى - وإن أحمي الطاليقون وغمس في الماء لم يقرب ذلك الماء ذباب، وإن عمل منه منقاش ونتف به الشعر من الجسد ودهن الموضع لم ينبت الشعر بعد ذلك ، وإن شرب الشراب من إناء طاليقوني لم يسكر.
وأما القلعي فهو قريب من الفضة في لونه، ولكن يباينها بثلاث صفات؛ الرائحة والرخاوة والصرير، وهذه الآفات دخلت عليه وهو في معدنه كما تدخل الآفات على الجنين وهو في بطن أمه، فرخاوته لكثر هوائيته، وصريره لغلظ كبريته وقلة مزاجه بزئبقه، وهو ساف فوق ساف، فلذلك يصر وتنتن رائحته لقلة نضجه، وإن مزج بقضيب الريحانة المسمى آسا والمرقيشا والملح والزرانيخ على ما ينبغي برئ من هذه الآفات، وإذا حرق القلعي وجعل في المراهم برئ الجرح والقروح التي تكون في عيون الناس.
وأما الأسرب فهو جنس من الرصاص، ولكنه كثير الكبريت غير نضج، ومنافعه معروفه بين الناس.
وأما الحديد فهو أجناس؛ فمنه لين رخو، ومنه ما إذا أسقي الماء ازداد صلابة وحدة، ولا يستغني عنه الصانع، ومنافعه بينة ظاهرة لا يستغني الناس عنه كما لا يستغنى عن الماء والنار والملح، ومنه ما إذا طرحت عليه أدوية ازداد قوة وصلابة، ومن الجواهر المعمولة أيضا الشبة، وهو نحاس طرحت عليه أدوية فازداد صفرة ولينا.
صفحة غير معروفة