رمي الجمرات في ضوء الكتاب والسنة وآثار الصحابة رضي الله عنهم
الناشر
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
مكان النشر
الرياض
تصانيف
أعدادهم كثيرة جدًا حيث قال: «مكث النبي ﷺ تسع سنين لم يحج، ثم أذَّن في الناس في العاشرة: أن رسول الله ﷺ حاجٌّ فقدم المدينة بشرٌ كثيرٌ كلّهم يلتمس أن يأتمَّ برسول الله ﷺ ويعمل مثل عمله، فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة ...» إلى أن قال: «... فصلّى رسول الله ﷺ في المسجد، ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مدِّ بصري بين يديه: من راكب وما شٍ، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله ﷺ بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل من شيء عملنا به ...» (١)، وكل هؤلاء عملوا المناسك مع النبي ﷺ وقال لهم: «خذوا عني مناسككم، لعلي لا أراكم بعد عامي هذا» (٢)، فأخذوا عنه ذلك وطبَّقوه وعلَّموه من لم يسمع، وبلّغوه مَنْ بعدهم، فلم يرمِ واحدٌ من هؤلاء الصحابة الجمار أيام التشريق إلا بعد الزوال اقتداء بنبيِّهم ﷺ، ولم يثبت عن صحابيٍّ واحدٍ أنه أفتى بالرمي قبل الزوال، أو رمى قبل الزوال لا في حياة النبي ﷺ، ولا بعد وفاته، وحج الناس في زمن الصحابة ثلاثًا وثمانين حَجةً ولم يرمِ واحد منهم قبل الزوال؛ لمدة أربعٍ وثمانين سنةً، بالعام الذي حج فيه النبي ﷺ؛ لأن النبي ﷺ مات وعمر أنس بن مالك ﵁ عشرون سنة، وهو آخر من مات من الصحابة، وقد عُمِّر حيث عاش مائة وثلاث سنين، وتوفي على الصحيح سنة ثلاث وتسعين هـ ﵁ وأرضاه
_________
(١) مسلم، برقم ١٢١٨.
(٢) مسلم بنحوه، برقم ١٢٩٧، والبيهقي بلفظه، ٥/ ١٢٥.
1 / 33