ثم سكت وجعل يتأمل في ما حوله ولا يطاوعه قلبه أن ينظر إلى جهة مسير القارب فأراد أن يتحول إلى المكان الذي أتى منه فرأى شبحا مسرعا نحوه فخاف وتهيأ للدفاع إذا رآه يقترب منه. فلما اقترب الشبح إذا هو امرأة فعجب لقدومها وحدها في ذلك الليل ولكنه ما لبث أن تفرس في قيافتها حتى علم أنها خولة فخفق قلبه في صدره وغلب الخجل عليه لما رآه من جرأتها وقدومها في ذلك الليل وهي فتاة لعلمه أنه لا يحملها على القدوم إلا السعي في إنقاذ عبد الله. فحدثته نفسه أن يختبئ خجلا ولكن البغتة غلبت عليه فدنا منا وناداها. فحالما عرفت صوته صاحب فيه «أين عبد الله».
فأراد أن يجيبها فاختنق صوته وسبقته العبرات.
فدنت منه وهي تقول «سعيد ... هل رأيت أحدا جاء إلى هذا المكان وما الذي جاء بك إلى هنا».
قال «نعم رأيتهم يحملون أولئك الأسرى في قارب».
قالت «وأين هم ... أين ذهبوا بهم ... هل رأيت عبد الله .... هل هو معهم..».
قال «لقد حملوهم في القارب ولا أدري إذا كان عبد الله معهم لأني لم أسمع صوته ولا رأيته».
فصفقت بكفيها وقالت «لابد من أن يكون معهم. آه ما الحيلة الآن.. ما كنت أظن ابن العاص يعجل بقتلهم على هذه الصورة .. وكيف لم تحاول الدفاع عنهم ...».
فأجابها والاعتذار والخجل يتنازعانه وقال «لم أكن أعلم أن عبد الله معهم وهبي أني علمت فكيف استطيع إنقاذه وأنا فرد أعزل وهم جماعة مسلحون ....»
فصمتت خولة برهة ثم قالت «لقد فعلت حسنا فأبقيت على نفسك لإنقاذ الإمام علي لأن حياته موكولة إلى سرعة رجوعك».
فقال «وأنت ما الذي جاء بك وكيف عرفت بمسيرهم».
صفحة غير معروفة