2
من قبيلة تيم الرقاب. تلك هي فتاة الكوفة الفتانة التي ذاع صيتها في الآفاق وسمع بجمالها القاصي والداني حتى أصبحت فتنة الكوفيين ومضرب أمثالهم. وقد شخصت إليها الأبصار وحامت حولها القلوب فباتت معجبة بجمالها لا تعرف هما ولم تذق غما حتى بليت بقتل والدها وأخيها معا.
قتل والدها وأخوها في واقعة النهروان
3
وكانا من جملة الخوارج الذين نقموا على علي لقبوله بالتحكيم فانضموا إلى من نقض بيعته وحاربوا في جملة من حاربه.
وكانت قطام ثابتة الجأش شديدة الانتقام ذات حيلة ودهاء ما انفكت منذ قتل والدها وأخوها وهي تندبهما وتلتمس الانتقام لهما ولكنها لم تكن تستطيع المجاهرة بذلك والكوفة مقر الإمام علي ومجتمع أنصاره وشيعته. فأقامت في منزلها في ضاحية الكوفة وحيدة ليس معها سوى عبد كهل ربي في أهلها منذ صباه. فلما بليت بمصيبتها هجرها سائر الخدم والأعوان إلا هذا. وكانت ترتاح إلى بث شكواها له وهو يخفف عنها ويعدها بنيل المرام.
وكانت قد انفذته في أصيل ذلك اليوم يستقدم لها عجوزا من مولدات الكوفة كانت قد ربيت بين ذراعيها منذ نعومة أظفارها وهي تحن إليها حنين الوالدة. فطال غيابه وسدل الليل بقائه ولم يعد. فانشغل خاطرها وشغلت عن أحزانها بالهواجس لانفرادها في ذلك المكان. ولكنها كانت إذا سكتت هنيهة تذكرت والدها وأخاها ومن كان يقيم في تلك الدار من الخدم والعبيد فتعود إلى البكاء والنحيب.
الفصل الرابع
العجوز لبابة
وفيما هي في ذلك سمعت وقع أقدام مسرعة عرفت أنها خطوات عبدها ريحان فأجفلت ولكنها استأنست به فوقفت وأسرعت لاستقباله. وكان ريحان طويل القامة شديد السواد خفيف العضل سريع الحركة جاحظ العينين أفطس الأنف عظيم الوجنتين بارز الأسنان ويزيدها بروزا تدلي شفته السفلى وانحسار شفته العليا وكان يستهلك في خدمة سيدته فابتدرها بالسلام. فقالت وما الذي أخرك يا ريحان وإنت تعلم أني وحيدة هنا. أين هي لبابة.
صفحة غير معروفة