ما زاد الأمر تعقدا وجود المحتفلين في الميدان الكبير، فصوت محرك العربة وخروجها المفاجئ من بين الأشجار مصحوبة بهالة من الأغبرة؛ اختلط الحابل بالنابل، والتفت السوق بالسوق، وفر الناس في كل الاتجاهات، وأخذ الكواكيرو مرعوبا يصيح: أوقف هذا الشيء ...
أوقفه ...
في الحق، كان يظن نواب المجلس أن هذا الشيء لن يقف، ربما أكد ذلك في أذهانهم الفوضى والضجيج، بالإضافة إلى محاولة مستر جين القيام باستعراض يزيد الموقف إثارة.
أوقف هذا الشيء أرجوك.
دارت العربة حول نفسها دورتين في سرعة البرق ثم علا صفير بوقها قبل أن تتوقف أخيرا ويهبط منها مستر جين برشاقة عسكرية قائلا: الحمد لله، وصلنا الآن.
ليس بإمكان أحدهم رد التحية، كانوا في ذهول تام ودهشة، مثلهم مثل بقية الدغليين الذين لأول مرة يرون عربة، ولكنهم تشجعوا لكي يبدو الأمر عاديا وطبيعيا: انزلوا.
كانت أرديتهم الجميلة المصنوعة من الجلود النفيسة ولحاء الأشجار المصبوغة بأزهى الألوان، تعلق عليها الغبار، ولكن من الأحسن ألا يبدوا منزعجين من أجل ذلك، ولو أن كل واحد منهم حاول أن ينفض الغبار عن شعره، أن يضع رياش صقر الجديان في مواضعها بعد أن كانوا يحتفظون بها بين أرديتهم خوفا من أن تذهب بها الريح. وعندما اطمأن الدغليون اقتربوا من العربة، الشيوخ أولا، ثم المحاربون، ثم البقية، كان الكواكيرو ومجلسه مجسدة الجميع، كانوا عظاما وغرباء وكأنهم نزلوا من كوكب آخر ...
نحن بنو «لالا» نقود ركب الحضارة.
تركوا صغائر الأمور لصغائر البشر، وكأنهم لم يروا الأطفال والمحاربين وهم يتفحصون العربة والبعض لمسها، البعض تجرأ وركب عليها، فليندهش من يندهش.
لنبدأ الاجتماع.
صفحة غير معروفة